للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وأما الزيارة البدعية فهي أن يكون مقصود الزائر أن يطلب حوائجه من ذلك الميت، أو يقصد الدعاء عند قبره، أو يقصد الدعاء به فهذا ليس من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا أستحبه أحد من سلف الأمّة وأئمتها، بل هُو من البدع المنهي عنها. قُلْتُ: أمّا مَن كان قصده بالزيارة أن يطلب حوائجه من الميت، فهذا لا يشك عاقل في قبحه وتحريمه، إذ الحوائج منوطةٌ لخالقها، فليس إلَّا اللهُ يقضي حاجة، من شك في هذا طغى وتمرد، وأما إذا كان قصدهُ الدعاء عند قبر الميت أو التوسل به، فليس بمحرم (١)، نَعَم: إن اعتقد أن الدعاء عند القبور أفضل منه فى نحو المساجد، أو أنّه لا يُجُابُ إلَّا ثمَّ كان هذا قبيحًا والله أعلم.

قال شيخ الإسلام رضي الله عنه، في كتابه "الجواب الباهر عن مسألة زيارة المقابر" (٢): زيارة أهل التوحيد لقبور المسلمين تتضمن السلام عليهم، والدعاء لهم، وهو مثل الصلاة على جنائزهم، وزيارة أهل الشرك تتضمن أنهم يشبّهون الخلوق بالخالق، ينذرون له، ويسجدون له، ويدعونه ويحبونه كما يحبون الله، فيكونون قد جعلوه لله ندّا، وسووه برب العالمين. وأطال في ذلك.


(١) بل الصواب عدم جواز التوسل بالميت، وهنا مسألتان:
الأولى: قصد الدعاء عند قبر الميت: فإذا كان الدعاء بالرحمة والمغفرة للميت فلا بأس به بل هو مرغب فيه، وأما إذا دعا عند قبر الميت ظنًا منه أن الدعاء عنده أقرب للإجابة لصلاحه أو لولايته، فهذا لا يجوز بحال.
الثانية: التوسل به، وهو بمعنى مظنة قبول الدعاء عنده، وهو غير مشروع، وهو بمعنى الزيارة الشركية التي أورد المصنف كلام ابن تيمية وابن القيم عنها.
(٢) الرد على الأخنائي ص ١٢٤.