نورًا ربانيًا انكشف جميع ذلك لبصيرته انكشافًا تامًّا فآمن به واطمئن قلبه له، وصدق به فكان مؤمنًا حقًا، والذين حجبوا عن ذلك، وجعل على قلوبهم أكنة أنْ يفقهوه، فبعدًا لقوم لا يؤمنون.
[فصل]
وأمَّا آنيتهم فقال تعالى:{يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ}[الزخرف: ٧١]، والصحاف جمع صحفة، وهي القصاع قاله الكلبي، وقال الليث: الصحفة: قصعة مسلنطحة عريضة، والجمع: صحاف (١)، والأكواب: جمع كوب هو المستدير الرأس الذي لا أذن له ومرّت الإشارة إليها.
وقال تعالى: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (١٧) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (١٨)} [الواقعة: ١٧، ١٨]، فالأباريق هي: الأكواب غير أنّ لها خراطيم فإنْ لم يكن لها خراطيم، ولا عرى فهي أكواب، وأباريق الجنَّة من الفضة في صفاء القوارير يرى من ظاهرها ما في باطنها، والعرب تسمي السيف إبريقًا لبريق لونه.
قال تعالى: {وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (١٥) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (١٦)} [الإنسان: ١٥، ١٦]، فالقوارير: هو الزجاج، وشفافته، وهذا من أحسن الأشياء وأعجبها، وقَطعَ توهم كون تلك القوارير من زجاج بقوله {مِنْ فِضَّةٍ}[الإنسان: ١٥].