للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل السابع

في مسألة عظيمة، ونكتة جسيمة، وهي: أنَّ رجلًا من أهل العلم قدم على الشام حرسها الملك السلام فأظهر أن الله سبحانه لا يعلم عدد نعيم الجنَّة فخالفه جل أهل العلم بل كلهم إلا من شاء الله ثُمَّ بعد أيام اجتمعت به وعنده جماعة من الفضلاء فسألني بعضهم وقال: ما تقول في هذه المسألة؟ فقلت: قد علم بالضرورة أنَّ علم الله يتعلق بالواجب، والجائز، والمستحيل من حيث هو هو على ما يكون وقد علمنا أنَّ نعيم الجنَّة لا نهاية له فلو أنَّ الله علمَ عددَه لكان له نهاية؛ لأن علم الله إنَّما يتعلق بالشيء على ما هو عليه ولو كان له نهاية لكان ينفد ضرورة لكن أقول قد علم الله أن لا نهاية لنعيم الجنَّة ولا أقول أن الله لا يعلم عدد نعيم الجنَّة هذا جوابي لمن سألني. ثُمَّ رأيت سنة أربعين ومائة وألف في آخر كتاب العلامة الشيخ مرعي (توقيف الفريقين على خلود أهل الدارين) ما نصه: قال النسفى في "بحر الكلام": سأل قوم: هل يعلم الله عددَ أنفاس أهل الجنَّةِ والنار أم لا؟ فإن قلتم: لا. فقد وصفتم الله بالجهل تعالى الله عنه، وإن قلتم: نعم. لزم أن أهل الجنَّةِ والنار يفنون. قال: والجواب أن نقول: إن الله يعلم أنَّ أنفاس أهل الجنَّةِ والنار ليست بمعدودة ولا تنقطع. فإن قيل: إن قلتم بأنَّهم لا يفنون فقد سويتم بينهم وبين الله: قلنا: لا؛ لأنَّ الله تعالى قديم بلا ابتداء آخر بلا انتهاء، وأهل الجنَّةِ محدثون وإنَّما يبقون