قال أبي فبادر، بادر، بادر، فهذه ثلاث ساعاتٍ قد مضَت وليستْ بها أو ثلاثة أيام وأنَّى لي بها، أو ثلاثة أشهر وما أراني أدركها، أو ثلاث سنين، فهو أكثر من ذلك، وما أحبُ أن يكون ذلك كذلك، فلم يزل يُعطي، ويتصدق ثلاثة أيام، حتى إذا كانَ في آخر اليوم الثالث من هذه الرؤيا دَعا أهله وولده، فودعهم وسلم عليهم، ثم استقبل القبلة فمدد نفسه وغمض عينيه، وشهد شهادة الحق، ثم مات: قال فمكث الناس حينًا يتناوبون قبره من الأمصار، فيصلون عليه.
وذكر صدقة بن مرداس، في أوّل حديثه هذا: أنه نظر إلى القبور الثلاثة، على شرف من الأرض، بقرب هذه القرية وقرأ عليها من الكتابة. انتهى كلامُ الحافظ.
[تنبيه]
ذكر المحقق قدس اللهُ روحه: إن الأحاديث والآثار تدل على أن الزائر متى جاء عَلِمَ به المزور، وسمعَ كلامه، وأنسَ به وردّ عليه، وهذا عام في حق الشهداء وغيرهم وأنه لا توقيت في ذلك، قال: وهو أصح من أثر الضحاك الدّال على التوقيت، وهو من زار قبرًا يومَ السبت قبل طلوع الشمس، علم الميّت بزيارته، فقيل: وكيف ذلك؟ قال: لمكان يوم الجُمعة قال: وقد شَرع - صلى الله عليه وسلم -، لأمّته أن يُسلموا على أهل القبور سلامَ من يخاطبونه، ممن يسمع ويعقل: فأخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى المقبرة، فقال: "السلامُ عليكم دار قومٍ مؤمنين، وإنا إن شاء اللهُ بكم