للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلت قد ذكرت عن المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: "أن هذه النار جزءٌ من سبعين جزءًا من نار جهنم" (١) وفي حديث آخر من مائة جزء وكلا الحديثين ثابت عنه - صلى الله عليه وسلم -.

قلت: لفظة سبعين وسبعمائة وسبعة آلاف ونحوها كثيرًا ما يراد به التكثير كقوله تعالى: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: ٨٠] وهذا كثير جدًا في كلام العرب أو يقال: إن هذين الحديثين وردا بحسب اختلاف النارين اللتين من نار الدنيا وكل أحدٍ يشاهد أنَّ بعض نار الدنيا أقوى وأشدُّ حرًا من بعضٍ، هذا معلوم بالحس لا ينكره أحدٌ واللَّه تعالى أعلم.

[فصل وأما زمهريرها]

فروي أن بيتا في جهنم يتميز فيه الكافر من برده يعني يتقطع ويتمزعُ وقال مجاهد: إن في النار لزمهريرًا يقيلون فيه، يهربون إلى ذلك الزمهرير فإذا وقعوا حطم عظامهم حتَّى يسمع لها نقيض.

وقال ابن عباسٍ (٢) رضي اللَّه عنهما: يستغيث أهل النار من الحر فيغاثون بريح باردةٍ يصدع العظامَ بردُها فيسألون الحرَّ.


(١) أخرجه مالك في "الموطأ" ٢/ ٩٩٤ عن أبي هريرة، والحميدي في "مسنده" ٢/ ٤٧٩.
(٢) رواه ابن أبي الدنيا في "صفة النار" برقم (١٥٢).