للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالجنَّةُ تطلبُ أهلَها بالذات، وتجذبهم إليها جذبًا. والنَّار كذلك. وقد أمرنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - بدوام ذكرهما، وحثنا على ذلك حثًا بليغاً.

أخرج أبو يعلى الموصلي عن ابن عمرَ رضي اللهُ عنهما قال: سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا تنسوا العظيمتين". قالوا: وما العظيمتان يا رسولَ اللهِ؟ قال: "الجنَّة والنار" (١).

وعند أبي بكرٍ الشَّافعي عن كليب بن حزن مرفوعًا: "اطلبوا الجنَّة جهدكم، واهربوا من النَّارِ جهدكم؛ فإن الجنَّةَ لا ينام طالبُهَا، وإن النَّارَ لا ينام هاربها. وإن الآخرةَ اليوم محفوفةٌ بالمكاره، وإن الدُّنيا محفوفة باللذات، والشهوات. فلا تُلهِيَنكم عن الآخرة" (٢).

قال الإمام ناصر السنة ابن الجوزي قدَّس الله روحه: اعلمْ أن الجنَّةَ محفوفةٌ بالمكاره، فمتى أردتها فاصبر عما تكره لعلك تنال ما تحب، واعلم أنَّ الدُّنيا، والآخرةَ ضرتان، فمتي أرضيت إحداهما أسخطت الأخرى، والعاقلُ يَشْغلُ قلبَه بمولاه، ويطلبُ بكلِّ جهده ورضاه. شعر لمؤلفه (٣).

ومَنْ لي بأن ترضى على ولم يكن ... لنفسي مطلوب سواك ومقصد

وتسكن في قلبي المحبة والرضا ... وأمسي لديك الله أسعى وأحفد


(١) أورده ابن رجب الحنبلي في التخويف من النار ص ٤٤ وعزاه لأبي يعلي ولم أجده في المطبوع، الكنى والأسماء للدولابي رقم (١٤٢٠) التَّاريخ الكبير للبخاري (١/ ٤١٧) المطالب العالية (٣٣١٨) صفه النَّار لابن أبي الدنيا (٢) سيأتي في ص ١٢٨٩.
(٢) أخرجه الطّبرانيّ في "الكبير" (١٩/ ٢٠٠) رقم ٤٤٩، وفي "الأوسط" (٤/ ٧٣) رقم (٣٦٤٣).
(٣) كتبت بخط صغير في (ط).