السَّلام. فالله سبحانه سلم هذه الدار، وسلَّم أهلَها من كلِّ نكبةٍ وداهية، وتحيتهم فيها سلام، والربُّ تعالى سلم عليهم من فوقهم والملائكةُ يدخلون عليهم من كلِّ بابٍ سلام عليكم، وكلامهم كله فيها سلام، ولا يسمعون فيها لغوًا الإ سلامًا.
وأمَّا قوله تعالى: {وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩٠) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩١)} [الواقعة: ٩٠ - ٩١] فحقق في "حادي الأرواح" أنَّ المعنى: سلام لك أيُّها الراحل في الدُّنيا سلموا من الدُّنيا وأنكادها والنَّار وعذابها فبشر بالسلامة عند ارتحاله مِنَ الدُّنيا وقدومه على الله تعالى، كما يُبشِّره المَلك روحَه عند أخذها بقوله:"أبشري بروح وريحان ورب غير غضبان". وهذا أوَّلُ البشرى التي للمؤمنين في الآخرةِ.
الثالث: دارُ الخلدِ وسميت بذلك لأنَّ أهلَها لا يظعنون عنها واشتقاقُه مِنَ الخلدِ وهو دوامُ البقاءِ. تقول: خلد الرجلُ يخلدُ خلودًا وأخلدَه اللهُ سبحانَهُ وتعالى إخلادًا. وخلَّده تخليدًا أبقاه. وأخلدتُ إلى فلانٍ: ركنتُ إليه.
وأخلد بالمكان أقام به وأمَّا الخَلَدُ بالتحريك: فالبال.
يقال: سنح في خَلدي أيْ: خطرَ في روعي وبالي وقلْبي والخلدُ أيضاً ضرب من الجرادين أعمى. والله أعلم.
الرابع: دارُ المقامة: قال تعالى حكاية من أهلها: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ} [فاطر: ٣٤، ٣٥] قال مقاتل: أنزلنا دار الخلود