للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجزاءَ المذكور على الخوفِ ترتيب مسبب على سبب.

ولما كان الخائفون نوعين مقربين وأصحاب يمين ذكر جنتي المقربين ثمَّ ذكر جنتي أصحاب اليمين.

العاشر: أَنَّهُ قَالَ: {وَمِنْ دُونِهِمَا} [الرحمن: ٦٢] والسياق يدُلُّ على أَنَّه يقتضي فوق، كما قَالَ الجوهريُّ. انتهى كلامُه مختصرًا ملخصًا (١).

قُلْت: وَيدلُ لما قَالَ: قَولُ ابن زيدٍ: هي يعني: الدار الآخرة أربع:

جنتان للمقربين السابقين {فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (٥٢)} [الرحمن: ٥٢] وجنتان لأصحابِ اليمينِ التّابعين.

وأخرج البيهقيُّ عَن ابن عباس رضي اللهُ عنهما قَالَ: "كان عرشُ الرحمن عزَّ وجل على الماءِ، ثُمَّ اتخذ لنفسِهِ جنةً ثمَّ اتخذ دونها أخرى ثُمَّ أطبقهما بلؤلؤة واحدة" (٢) فإن قِيل: كيف انقسمت هذه الجناتُ الأربع على مَنْ خَافَ مقامَ ربِهِ. فالجوابُ: أَنَّه لما كان الخائفون نوعين مقربين وأصحاب يمين ذكر جنتي المقربين، ثُمَّ ذكر جنتي أصحاب يمين. فالمقربون لهم الجنتان العاليتان واللتان دونهما للذين دونهم وهم أصحاب اليمين. جعلنا اللهُ مِنْ عباده المقربين ومن حِزْبِه المفلحين.


(١) "حادي الأرواح" ١٤٩ - ١٥١.
(٢) رواه الحاكم في "المستدرك" ٢/ ٤٧٥، والخطيب في "تاريخ بغداد" ٩/ ١١٦.