للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخرج البيهقي عن أبي سعيدٍ (١) رضي اللهُ عنه مرفوعًا: "إنَّ اللهَ أحاطَ حائط الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة وغرسَ غرسَها بيده وقال لها: تكلمي، فقالتْ: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١)} [المؤمنون: ١]، فقال: طوبى لك منزل الملوك" فإن قلت: علم من هذه الآثار أنَّ الله خلقَ عدنَ والفردوسَ والعرشَ والقلمَ وآدمَ بيده وكتبَ التوراةَ بيده وفيها لَم يخلقْ اللهُ بيده إلاَّ ثلاثة: آدم وكتبَ التوراةَ وغرسَ جنَّةَ عدنٍ (٢) وفيها القصرُ على أربعةٍ: العرش والقلم وعدن وآدم فما وجه الجمع؟ فالجواب واللهَ أعلم ليس الحصر على بابه بل عبرَ أولاً بما ذكر ثم أعلمنا بأنَّه خلق أشياءَ أُخر.

إما أنَّه تعالى أعلَمَه بذلك بعد أن أعلمه بالأول وإما أنَّه ذكر الأول لمناسبةٍ اقتضتْ ذلك، كما تقول: ليس في الدار إلا زيد وإن كان فيها غيره وأردت أنَّ الذي ينبغي أن ينوه بذكره إنما هو زيد هذا ما ظهر لي وفيه نظر والله أعلمَ.

وفي صحيح مسلم، عن المغيرة بن شعبةَ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "سَألَ موسى ربَّه: ما أدنى أهل الجنَّةِ مَنزلة؟ قال: رجلٌ يجيء بعدما


(١) "صفة الجنة" لأبي نعيم (٢٣٧)، وجاء من رواية ابن عباس عند أبي نعيم في "صفة الجنة" (١٦)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (٤٠٣)، والحاكم في "المستدرك" (٢/ ٣٩٢)، وأنس عند أبي نعيم في "صفة الجنة" (١٧)، وانظر ص ٩٩٦.
(٢) جاء في هامش الأصل: غير واحد تعرض لهذا الإشكال وهو وارد ولعل سكوتهم عن التوفيق له يقتضي ما اختاره المحقق أن عدن اسم لمجموع الجنَّة وأن المراد غرس جميع ثمار الجنَّة فليتأمل ذَلِكَ وليحرر. والله أعلم. مؤلف.