للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي الترمذي من حديثِ ابن عباس رضي اللهُ عنهما قال: جَلسَ ناسٌ من أَصحابِ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ينتظرونه فخرج حتَّى إذا دنا منهم سَمِعَهم يتذاكرون فسمع حديثهم فقال بعضهم: عجبًا إن لله من خلقِه خليلاً اتخذ اللهُ إبراهيمَ خليلاً وقال آخز: ماذا بأعجبَ من كلامِه موسى كلَّمَه تكليمًا، وقال آخر: فعيسى كلمةُ اللهِ وروحُه وقال آخر: آدم اصْطَفاه اللهُ فخرج عليهم فسَلَّم وقال: "سمعت كلامكم وعجبكم إنَّ إبراهيمَ خليل اللهِ وهو كذلك، وموسى نجيُّ اللهِ وهو كذلك، وعيسى روحُه وكلمتُه وهو كذلك، وآدم اصطفاه اللهُ وهو كذلك، ألا وأنا حبيبُ اللهِ ولا فخر، وأنا حاملُ لواءَ الحمدِ يومَ القيامةِ ولا فخر، وأنا أوَّلُ شافع وأوَّلُ مشفَّع يوم القيامة ولا فخر، وأنا أكرمُ الأولينَ والآخرينَ ولاَ فخر" قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولا فخر" (١) (٢) أي: ولا فخر أعظم من هذا الفخر.

وقال بعضهم: وعندي أنَّ معناه أني لا أقولُ ذلك افتخارًا واستكبارًا بل على سبيلِ التَّنويهِ والتَّعريفِ والتَّذكر بنعمِ الله تعالى.

قال تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (١١)} [الضحى: ١١].


(١) رواه أحمد ١/ ٢٨١ - ٢٨٢، والطيالسي (٢٧١١)، وعبد بن حميد (٦٩٥)، وأبو يعلى (٢٣٢٨)، كلهم عن ابن عباس، وروى الترمذي نحوه (٣١٤٨) عن أبي سعيد، ولم نجد فيه عن ابن عباس، وقال الترمذي عقب حديث أبي سعيد: هَذَا حديث حسن صحيح، وقد روى بعضهم هَذَا الحديث عن أبي نضرة عن ابن عباس بطوله.
(٢) "حادي الأرواح" ١٥٩ - ١٦٠.