للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذلك فَضلُ اللهِ يُوتِيه مَنْ يَشَاءُ.

وأَخْرَج أبو داود في سُنَنِه عَن أَبي هريرةَ رضي اللهُ عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أتَاني جبريلُ فأخَذَ بِيدَي فَأَرَاني بابَ الجنةِ الذي تدخلُ مِنْه أُمَّتِي" فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يا رَسُولَ اللهِ وَدَدْتُ أني كُنْتُ مَعَكَ حتَّى أَنْظُرُ إِلَيه، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما إنَّك يا أبا بكرٍ أول من يَدْخُلُ الجنة من أُمَّتِي" (١).

وَقَوْله رضي اللهُ عنه: (وددت أني كُنت مَعَك) حِرْصٌ مِنْه عَلى زَيَادَةِ اليَقَينِ وَأنْ يصيرَ الخبرُ عِيَانًا لا أنه رضي اللهُ عنه عنده شَك في ذلك - معاذ الله - نَظِيره قَوْل سَيدِّنا إبراهيمَ - صلى الله عليه وسلم -: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: ٢٦٠].

ومن المعلوم أنه ليس الخبر كالعيان وإنْ جزم بأنَّ الخبر به واقع لا محالةَ.

وهذا معنى علم اليقين، وعين اليقين، وحق اليقين فعلم اليقين حكم الذهن الجازم بالأخبارِ المتواترة كوجود مكة، وحلاوة العسل لمن لم ير مكة، ولم يذق العسل. فإذا نظرَ لمكة من أبي قبيس، وشاهد العسلَ فهو عين اليقين. فإذا دخلَ مكة، وذاقَ العسل فهو حق اليقين. والله أعلم.


(١) رواه أبو داود (٤٦٥٢)، والحاكم ٣/ ٧٧، في ن الأصل هامش: قف على أول من يدخل الجنة من هذه الأمة بعد نبيها وهو الصديق الأعظم.