للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: {فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (١٣)} (١).

فأخبر سبحانه عن سررهم بأنها مصفوفة بعضها إلى جانب بعض ليس بعضها خلفَ بعضٍ، ولا بعيدًا منه، وأخبر أنَّها موضونة أي: منسوجة مضاعفة متداخلة بعضها على بعض كما يوضن حلق الدرع، ومنه سمي الوضين، وهو نطاق من سيور ينسج فيدخل بعضه في بعض، ومنه قول الشاعر:

ومِنْ نَسْجِ داودَ مَوْضونة ... يُساقُ مع الحي عيرًا فعيرا

قالوا: موضونة: منسوجة بقضبان الذَّهبِ مشبكة بالدر، والياقوت، والزبرجد وقال ابن عباس: مزمولة بالذهبِ. وقال مجاهد: موصولة بالذهب، وأخبر سبحانه بأنها مرفوعة: قال عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما: سرر من ذهب مكللة بالزبرجد، والدر، والياقوت، والسرير مثل ما بين مكة، وأيلة. وقال الكلبي: طول السرير في السَّماء مائة ذراع (٢)، فإذا أراد الرجل أن يجلس عليه تواضع له حتَّى يجلس عليه فإذا جلس عليه ارتفع إلى مكانه.

وأما الأرائك فتقدم أنَّها جمعُ أريكة، وأنَّ ابن عباس قال: "لا تكون أريكة حتى يكون السرير في الحجلة" فإنْ كان سرير بغير حجلة لا تكون أريكة، وإنْ كانت حجلة بغير سرير لم تكن أريكة، فالسرير والحجلة أريكة، والحجلة هي البشخانة التي تعلق فوق السرير.


(١) رواه ابن المبارك في "الرقائق" ص ٧٢ (٢٥٠)، باب: في صفة الجنَّة وما أعد الله فيها، صفة الجنَّة لابن أبي الدنيا رقم (٣٢٠) (٣٢٥).
(٢) في (ب): عام.