للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (٢٥) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (٢٦) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (٢٧)} [الطور: ٢٥، ٢٧].

قال إبراهيم التيمي رحمه الله: ينبغي لمن لم يحزن أن يخاف أن يكون من أهل النار؛ لأنَّ أهل الجنَّةِ قالوا: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} [فاطر: ٣٤]، أي: فإنه يدل على أنهم كانوا متلبسين به في حال الدُّنيا؛ لأن قولهم: {أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} يقتضي أنهم كانوا محزونين، ومتصفين به فعوضهم اللَّه فرحًا دائمًا، وسرورًا لا انقضاء له. قال: وينبغي لمن لم يشفق أن يخاف أن لا يكون من أهل الجنَّة؛ لأنهم قالوا: {إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ} (١) وكان رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - كثيرًا ما يستعيذ من النار، ويأمر بذلك في الصلوات، وغيرها والأحاديث في ذلك أكثر من أن تستقصى. قال أنس رضي اللَّه عنه: كان أكثر دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: ٢٠١] أخرجه البخاري (٢).

وأخرج النسائي عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه أنه سمع النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "اللهم إني أعوذ بك من حرّ جهنم" (٣).


(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" ٤/ ٢١٥، والبيهقي في "شعب الإيمان" ١/ ٥١٧.
(٢) رواه البخاري (٦٣٨٩) في الدعوات، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "ربنا آتنا في الدنيا حسنة".
(٣) رواه النسائي (٥٥٢٠) في الاستعاذة، باب: الاستعاذة من حر النار.