للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لجي، كما أنَّ أعلى الرجاء ما تعلَّق بذاته سبحانه من رضاه، ورؤيته، ومشاهدته، وقربه ولكن قد يغلط بعض الناس في هذا فيظن أنَّ هذا كله ليس بداخل في مسمى نعيم الجنَّة، ولا في مسمى الجنَّة إذا أطلقت ولا في مسمى عذاب النار إذا أطلقت وليس الأمر كذلك. قال الإمام المحقق في كتابه: "شرح منازل السائرين" (١) بعد قول شيخ الإسلام صاحب المنازل في منزلة تعظيم حرمات اللَّه تعالى: الدرجة الأولى: تعظيم الأمر، والنهي لا خوفًا من العقوبة فيكون خصومة للنفس، ولا طلبًا للمثوبةِ فيكون مستشرفًا للآخرة، ولا شاهدًا لأحدٍ فيكون متزينًا بالمراءاة فإنَّ هذه الأوصاف كلها تبعث (٢) من عبادة النفس. فذكر الشارح كلام المعظم لهذا المقام، والطاعن في هذا الكلام بسياق حجج الفريقين، وما لهم من الأدلة، والبراهين، ثُمَّ قال: والتحقيق أن يُقال: الجنَّة ليست اسمًا لمجرد الأشجار، والفواكه، والثمار، والطعام، والشراب، والحور العين، والأنهار، والقصور، والولدان، ونحوها وأكثر النَّاس يغلطون في مسمَّى الجنَّة وإن الجنَّة اسم لدارِ النَّعيمِ المطلق الكامل ومن أعظم نعيم الجنَّة التمتع بالنَّظر إلى وجه الرَّب، وسماعَ كلامه، وقرة العين بالقرب منه، ورضوانه فلا نسبة للذة ما فيها من المأكول، والمشروب، والملبوس، والصور إلى هذه اللذة أبدًا فأيسر يسير من رضوانه تعالى أكبر من الجنانِ وما فيها


(١) وأيضًا كتاب "الوابل الصيب" (٦ - ٧).
(٢) في (ب): تنبعث.