للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يدل شيء من ذلك على أنَّ الجنةَ في الأرضِ، فحديث حذيفة إنْ ثبت فيه أنه رأى الجنةَ والنارَ في السماء، فالسماء ظرف للرؤية لا للمرئ أي: رأيتُ الجنةَ والنارَ حال كوني في السماءِ، يعني: صدرت الرؤيا مني وأنا في السماء، ولا تعرض في الحديث للمرئي فتأمل.

وفي حديث ضعيف جدًا أنه - صلى الله عليه وسلم - رأى الجنةَ والنارَ فوق السماواتِ، فلو صح حُمِلَ على ما ذكرنا.

وقد أخرج القاضي أبو يعلى -من رءوس أصحابنا- بسند جيد عن الإمام أبي بكر المروزي أن الإمام أحمد رضي اللَّه عنه فسر له آيات متعددة من القرآن، فكان مما فُسِّر له قوله {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (٦)} [التكوير: ٦] قال أطباق النيران {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (٦)} [الطور: ٦] قال جهنم (١): وهذا يدل على أنه يرى أن النار في الأرض بخلاف ما رواه الخلَّال، عن المروزي من أن النار في السماء.

وقال مجاهدٌ في قوله تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (٢٢)} [الذاريات: ٢٢] يعني: الجنة والنار (٢). وتأوّله بعضهم على أن المراد أن أعمال الجنة والنار مقدرة في السماء، والحاصل أن الجنة في السمواتِ والنارَ في الأرض على الصحيح المعتمد كما قدمناه واللَّه تعالى الموفق.


(١) التخويف من النار ص ٤٩.
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" ١١/ ٤٦١ (٣٢١٨٨).