عليهم فلم ينطق القوم بعد تلك الكلمة، وإن كان إلا الزفير والشهيق يعني يأس القوم فلم ينطقوا. وقال أبو عمران الجوني: إذا كان يوم القيامة أمر اللَّه بكل جبار عنيد وكل شيطان مريد وكل من كان يخاف الناس في الدنيا شره فأُوثقوا بالحديد ثم أمر بهم إلى جهنم ثم أوصدوها عليهم فلا واللَّه لا تستقر أقدامهم على قرار أبدًا ولا ينظرون فيها إلى أديم سماء أبدًا، ولا واللَّه لا تلتقي جفون أعينهم على غمض نوم أبدا ولا واللَّه لا يذوقون فيها باردَ شرابٍ أبدًا (١).
وقال بعض السلف: في إطباق النار على أهلها: لبسوا النضيج من النحاس ومنعوا خروج الأنفاس، فالأنفاسُ في أجوافهم تؤدد والنيران على أبدانهم تتوقد، وقد أُطبقت عليهم الأبواب وغضب عليهم ربّ الأرباب، ومنعوا السؤال والجواب، ولم يبق إلا الزفير والشهيق والتشلوح والمزيق. وأنشد بعضهم في هذا:
لو أبصرتْ عيناك أهلَ الشقا ... سَيقوا إلى النار وقد أُحرقوا
يصلونها حين عصوا ربهم ... وخالفوا الرُّسلَ وما صدّقوا