للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ ابن رجب: وكان لطاووس رحمه الله تعالى طريقان إذا رجع من المسجد: إحداهما فيه رواس وكان يرجع إذا صلى المغرب فإذا أخذ الطريق الذي فيه الرواس لم يتعش فقيل له في ذلك فقال: إذا رأيت الروس كالحة لم أستطع أن آكل. وكان أويس القرني رحمه الله إذا نظر إلى الرؤوس المشوية يذكر هذه الآية {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ} [المؤمنون: ١٠٤]، فيقع مغشيًا عليه حتَّى يظن مَن نظرَ إليه أنَّه مجنون خرجهما ابن أبي الدنيا.

وقال الأصمعي: مرّ ابن سيرين برايس قد أخرجَ رأسا فغشي عليه.

وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قرأ رجل عندي هذه الآية: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا} [النساء: ٥٦]، فقال عمر: أعد عليّ فأعادها فقال معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: عندي تفسيرها تبدل في ساعة واحدة مائة مرّة فقال عمر: هكذا سمعتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١).

وفي رواية لابن مردويه أنَّ كعبًا رحمه الله قال: يا أمير المؤمنين أنا عندي تفسير هذه الآية لمَّا قرأها الرجل قال كعب: قرأتها قبل الإسلام يعني: إسلام نفسه؛ لأن كعب الأحبار رحمه الله أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يسلم إلا في زمن خلافة عمر - رضي الله عنه - فلمَّا قال كعب ما قال قال له عمر: هاتها يا كعب فإن جئت بها كما سمعتُ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) "تفسير ابن ابي حاتم" ٣/ ٩٨٢ (٥٤٩٣)