للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإلى ركبتيه فيقولون: ربنا ما بقي فيها أحد ممن أمرتنا به. فيقول: أرجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه فُيخْرِجون خلقًا كثيرًا، ثم يقولون: ربنا لم نذر ممن أمرتنا به أحدًا فيقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خير فأخرجوه فيخرجون خلقًا كثيرًا، ثم يقولون: ربنا لم نذر فيها ممن أمرتنا أحدًا ثم يقول: ارجعوا فمَن وجدتم في قلبهِ مثقال ذرّةٍ من خير فأخرجوه فيخرجون خلقًا كثيرًا، ثم يقولون: ربنا لم نذر فيها خيرًا" وكان أبو سعيد يقول: إن لم تصدقوني بهذا الحديث فاقرأوا إن شئتم {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (٤٠)} [النساء: ٤٠] فيقول الله عزَّ وجل: شفعت الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضةً من النَّارِ، فيخرج بها قومًا لم يعملوا خيرًا قط قد عادوا أي: صاروا حَمُمًا أي: فحمًا فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة يُقال له: نهر الحياة فيخرجون كما تخرج الحبَّة في حميل السيل" (١) الحديث.

قال الحافظ ابن رجب (٢): والمراد بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لم يعملوا خيرًا قط" من أعمال الجوارح وإن كان أصل التوحيد معهم، ولهذا جاء في حديث الذي أمر أهله أن يحرقوه بعد موته بالنار، أنه لم يعمل خيرًا قط


(١) رواه أحمد في "مسنده" ٣/ ١٦، والبخاري (٤٥٨١)، ومسلم ١/ ١٦٧ (١٨٣)، والآجري في "الشريعة" ص ٢٦٠، وابن حبان ١٦/ ٣٧٧ (٧٣٧٧).
(٢) "التخويف من النار" ص ٢٥٥ انظر (٢٨٨).