للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفخور ضد المتعفف الصابر على شدة الفقر وضره، وأوصاف هؤلاء الثلاثة هي الظلم والبخل والكبر وهي ترجع إلى الظلم لأن الملك المسلط يظلم الناس بيده والبخيل يظلم الفقراء بمنع حقوقهم الواجبة في ماله والفقير الفخور يظلم الناس بفخره عليهم بقوله وإيذائه لهم بلسانه وبشأنه.

وعن أبي هريرة مرفوعًا نحوه: وفيه: "المقاتل والقارئ والمتصدق الذين يراؤون بأعمالهم وقال: أولئك أوّل خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة يا أبا هريرة" (١).

قال الحافظ ابن رجب: وقد يجمع بين هذا الحديث والذي قبله بأن هؤلاء الثلاثة أوّل من تسعر بهم النار وأولئك الثلاثة أوّل من يدخل النار، وتسعير النار أخص من دخولها فإن تسعيرها يقتضي مع الدخول تلهيبها وإيقادها وهو زائد على مجرد الدخول، وإنما زاد عذاب أهل الرياء على سائر العصاة لأن الرّياء هو الشرك الأصغر والذنوب المتعلقة بالشرك أعظم من المتعلقة بغيره.

قلت فيه: إن الشرك الأكبر أعظم منه فما بال هؤلاء أعني أصحاب الشرك الأصغر الذي هو الرياء تسعر النار بهم قبل أولئك، وقد يقال إن المراد من أهل التوحيد ويدفعه منطوق الحديث فإنه قال أولئك أوّل خلق الله تسعر بهم النار اللهم إلا أن يخص عمومه ويكون


(١) أخرجه أحمد ٢/ ٣٢١، ومسلم (١٩٠٥)، وابن خزيمة في "صحيحه" (٢٤٨٢)، والترمذي (٣٢٨٢).