للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه أن تباعدي، وإلى هذه أن تقربي، وقال: قيسوا بينهما، فوجده إلى هذه أقرب بشبر؛ فغفر له" (١). وقال الحسن: ذكر لنا أنَّه لما أتى ملك الموت نأى بصدره نحوها.

قُلْتُ: وأخرج ابن الجوزي هذه الزيادة في المرفوع، قَالَ: "فخرج فأدركه الموت فنأى بصدره نحو القرية، فوجد إلى القرية أقرب بشبر فغفر له".

وأخرجَ الشيخان عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لله أفرح (٢) بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله بأرض فلاة أي: وكان عليها طعامه وشرابه" (٣) كما في رواية فيهما.

وأخرجا أيضًا عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لله أفرح بتوبة أحدكم من رجل خرج بأرض دَوَّية - أي مفازة لا


(١) رواه البخاري في صحيحه (٣٤٧٠)، ومسلم (٢٧٦٦) مطولًا.
(٢) ورد في هامش الأصل: قوله: أفرح إلخ إطلاق الفرح في حق الله مجازٌ عن رضاه وبسط رحمته وإقباله عَلَى التائب. والمراد: أن التوبة تقع من الله في القبول ما يقع مثله فيما يوجب فرطَ الفرح بمن يُتصور في حقه ذَلِكَ؛ لأنه تعالى يحب من عباده أن يطيعوه ويفرحُ بتوبة عبده مع غناه عنها. أهـ ملخصًا. من المناوي. وعند السلف: هذا من المتشابه. فانظر تفسيره.
أقول: والصحيح إثبات ذلك على ما يليق بجلاله من غير تحريف ولا تشبيه ولا تمثيل كما أثبته لنفسه جل جلاله وأثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم -. والله أعلم.
(٣) صحيح، رواه أحمد ٣/ ٢١٣، والبخاري (٦٣٩)، ومسلم (٢٧٤٧)، وابن حبَّان (٦١٧)، والبيهقيُّ في "شعب الإيمان" (٧١٠٥)، والبغويُّ (١٣٠٣)، والخطيب في "تاريخ بغداد" ١٢/ ٤٤٦، عن أنس بن مالك.