للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الحافظ ابن رجب في كتابه "استنشاق نسيم الأُنس": وإذا كان مخلوق يقول في مخلوق:

وكنت أرى أن قد تناهى بي الهوى ... إلى غاية ما فوقها لي مطلب

فلما تلاقينا وعاينت حسنها ... [علمت يقينا أنني] (١) كنت ألعب

فكيف بالخالق جل ذكره الملك الحق العظيم، الذي لا يقدر حق قدره أحد، ولا يحيط خلقُه به علمًا ولا يحصون ثناءً عليه بل هو كما أثنى على نفسه ولا يبلغ الواصفون صفته.

ومن الأسباب الجالبة لمحبة الله تعالى معاملته بالصدق والإخلاص ومخالفة الهوى؛ فإن ذلك سبب لتفضل الله على عبده وأن يمنحه محبته.

قال فتح الموصلي: من أدام النظر بقلبه ورثه ذلك الفرح بالمحبوب، ومن أثره على هواه أورثه ذلك حبه إياه، ومن اشتاق إليه وزهد فيما سواه، ورعى حقه، وخافه بالغيب، ورثه ذلك النظر إلى وجهه الكريم (٢).

ويذكر عن سُري السقطي رحمه الله: أنَّه كان له دكان فاحترق السوق الذي كان فيه الدكان ولم يحترق دكانه، فأخبر بذلك فقال: الحمد لله ثمَّ تفكر في ذلك، فرأى أنَّه سُرَّ بعطب الناس وسلامته، فتصدق بما في دكانه فشكر الله له ذلك ورقّاه إلى درجة المحبين وسُئل مرّةً عن حاله فأنشد:


(١) في استنشاق نسيم الأنس ٥٣ "تيقنت أني إنما".
(٢) رواه أبو نعيم في "الحلية" ٨/ ٢٩٣.