للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قابيل هابيل، وقيل بنو إسرائيل، وليس بشيء، وقد قيل: إنّ قابيل كان يعلمُ الدفن، ولكن؛ ترك أخاه استخفافًا به، فبعث الله غُرابًا يبحثُ في الأرض، يعْني يبحثُ الترابَ على هابيل ليدفنه، كذا في "التذكرة"، فقال: عند ذلك {يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} [المَائدة: الآية ٣١] حيث رأى كرامة الله لهابيل، بأن قيّض الله الغراب حتى واراه، ولم يكن ذلك ندم توبة.

وقيل: ندمه إنما كان على فقده لا على قتله، وقيل: على عدم معرفته الدّفن، فقد قال ابن عبّاس رضي الله عنهما: لو كان ندمه على قتله لكان ندمه توبة (١).

ويقال: إنه لمّا قتله قعد يبكي عند رأسه، إذ أقبل غرابان فاقتتلا فقتل أحدهما الآخر، ثم حفر له حفرة فدفنه، ففعل قابيل بأخيه كذلك، فكان ندمُه لعدم هدايته أن يفعل كَما فَعل الغُراب، فكان الدّفن سنّة في بني آدم. وفي التنزيل {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (٢١)} [عَبَسَ: الآية ٢١] أي جعل له قبرًا يُوارى فيه إكرامًا له، ولم يجُعل ممّا يُلقى على وجه الأرض تأكله الطير والعوافي، قاله الفرّاء (٢).

فائدة: الأفضل في القبر أن يكون مُسنمًا، وأن يُرفع قدر شبر، إلّا بدار حرب فالأولى تسويته بالأرض، وإخفاؤه ولا يُجصّص القبر، ولا يُزوّق ولا يُخلّق أي يبخّر، ولا يُقبّل.


(١) ذكره القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" ٦/ ١٤٢.
(٢) ذكره القرطبى في "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢١٩. معاني القرآن (٣/ ٢٣٧).