للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ميمونة مولاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا ميمونة إن من أشد عذاب القبر: الغيبة والبول" (١).

قال الحافظ ابن رجب (٢): وقد ذكرَ بعضُهم السرَّ في تخصيص البول والنميمة والغيبة بعذاب القبر: وهو أنه أوّل منازل الآخرة، وفيه أنموذج ما يقع يومَ القيامة، من العقاب والثواب، والمعاصي التي يُعاقب عليها يومَ القيامة نوعان: حقّ لله وحقٌّ لعباده، وأوّل ما يُقضى فيه يومَ القيامة من حقوق الله: الصلاة، ومن حقوق العباد، الدِّماء فأمّا البرزخ: فيقضى فيه مقدمات هذين الحقين، وما يليهما فمقدمة الصلاة: الطهارة منَ الحدث والخبث، ومقدمة الدِّماء: النميمة والوقيعة في الأعراض، وهما أيسر أنواع الأذى فيُبدأ في البرزخ بالمحاسبة والعقاب عليهما.

وقد أخرج عبد الرزاق عن معمر، عن أبي إسحق، عن أبي ميسرة عَمرو بن شرحبيل، قال: مات رجلٌ فلما دخل قبره أتته الملائكة، فقالوا: إنّا جالدوك مائة جلدةٍ من عذاب الله، فذكر صلاته وصيامه وجهاده، فخففوا عنه، حتى انتهى إلى عشرة أسواط (٣)، ثم سألهم فخففوا عنه حتى انتهى إلى واحدة، فجلدوه جلدة اضطرم قبره نارًا وغُشِّي عليه فلمّا أفاق قال: فيم جلدتموني


(١) أخرجه البيهقي في "إثبات عذاب القبر" (٢٣٢).
(٢) "أهوال القبور" ص ٧٧.
(٣) ليست في (ب)، ولا في (ط).