للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لابن آدم معادين وبعثين، يجزى فيهما الذين أساءوا بما عملوا، ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى،

فالبعث الأوّل: مفارقة الروح للبدن، ومصيرها إلى دار الحشر الأول، والبعث الثاني: يوم يَردُ الله الأرواح إلى أجسادها، ويبعثها من قبورها، إلى الجنَّة أو النار وهو الحشر الثاني، ولهذا قال: وتؤمن بالبعث الآخر، فإن البعث الأوّل لا ينكره أحد، وقد ذكر الله سبحانه هاتين القيامتين، وهما الصغرى والكبرى في سورة المؤمنين، وسورة الواقعة، وسورة المطففين.

وقد اقتضى عدله وحكمته: أن تنعيم الأبدان لأوليائه، فلابد أن يذيق بدن المطيع وروحه من النعيم، واللذة، ما يليق به ويُذيق بدنَ الفاجر العاصي ورُوحه من الألم والعقوبة، ما يستحقه هذا موجب عدله، وحكمته وكرمه وقدرته، ولما كانت هذه الدارُ دارَ تكليف وامتحان، لا دار جزاء، لم يظهر فيها هذا،

وأما البرزخ فهو أوّل دار الجزاء فظهر فيها من ذلك، ما يليق بتلك الدار، واقتضت الحكمة إظهاره فإذا كان يومُ القيامة الكبرى وفّى أهل الطاعة وأهل المعصية، ما يليق بهم من نعيم الأبدان، والأرواح وعذابهما فعذاب البرزخ ونعيمه، أوّل عذاب الآخرة ونعيمها، وهو مشتق منه، وأصل إلى أهل البرزخ من هناك، كما دل عليه القرآن والسُنة الصحيحة الصريحة في غير موضع، كقوله: "فيُفتح له بابٌ إلى الجنَّة، فيأتيه من رَوْحِها ونعيمها"، وفي الفاجر: