للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باطنها الدواهي والبليّات، تغلى بالحسرات كما تغلى القدور بما فيها،

فكم جدث يزوّق بالنقوش ... وباطنة أَرَثُّ من الحشوش

فَإنْ قُلْتَ: ما الأسباب المنجية من عذاب القبر؟ فالجَوَابُ: كما قال المحقق (١): من وجهين أيضَا: مُجمل ومفصّل، فالمجمل: تجنب تلك الأسباب، التي تقتضي ذلك العذاب، ومن أنفعها، أن يجلس عند ما يريد النوم لله تعالى ساعة، يُحاسب فيها نفَسه، على ما خسره وربحه في يومه، ثم يجدد له توبة نصوحًا بينه وبين الله، ثم ينام على تلك التوبة، ويعزم على أن لا يعود إلى ذنب فإذا استيقظ استيقظ مقبلًا للعمل مسرورًا بتأخير أجله حين يستقبل ربه قال المحقق: وليس للعبد أنفع من هذه التوبة، ولاسيما إذا عقب ذلك بذكر الله، واستعمال السنن، التي وردت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عند النوم حتى يغلبه النوم، فمن أراد الله به خيرًا، وفقه لذلك ولا قوة إلا بالله.

وأما الجواب المفصّل: فما روى عنه - صلى الله عليه وسلم - من الأحاديث الثابتة، فمنها ما رواه مسلم في صحيحه، عن سلمان رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "رباط يوم وليلة خيرٌ من صيام شهر وقيامه، وإن مات أُجْرِي عليه عملُه الذي كان يعمله وأُجرِيَ عليه رزقُه وأمِن الفتَّانَ" (٢).


(١) "الروح" ص ١٣٧.
(٢) رواه مسلم (١٩١٣)، والإمام أحمد ٥/ ٤٤٠، والنسائي ٦/ ٣٩، والترمذي (١٦٦٥)، وابن حبان (٤٦٢٣)، والبيهقي ٩/ ٣٨، انظر ص ٢٠٦.