للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يوم، ثم إني قصرتُ عن ذلك ما شاء الله، ثم إني أتيته يومًا، فبينا أنا جالس عند القبر غلبتني عيناي فنمت، فرأيت كأنّ قبر أبي انفرج، وكأنّه قاعد في قبره متوشحًا أكفانه، عليه سحنة الموتى، قال: فبكيتُ لما رأيته فقال: يا بني ما أبطأ بك عنّي قال: قلتُ وإنك لتعلمُ بمجيئى، قال: ما جئتَ من مرّة إلَّا علمتها، وقد كنتَ تأتيني فأُسَرّ بك ويسرّ من حولي بدعائك، قال: فكنُتُ بعدُ آتيه كثيرًا (١).

وأخرج ابن أبي الدنيا أيضًا عن عثمان بن سودة الطفاوي، وكانت أمّهُ مِن العابدات، وكانَ يُقالُ لها راهبة، فماتت قال: فكنت كثيرًا آتيها كل جمعة، فأدعو لها وأستغفر لها، ولأهل القبور قال: فرأيتُها ذات ليلة في منامي، فقلت لها: يا أمَّه فكيفَ أنتِ؟ فقالت: يا بُنيّ إنّ الموتَ لكربه شديد، وأنا بحمد الله تعالى في برزخ محمود، يُفرش فيه الريحان، ويوسد فيه السندسُ والاستبرق إلى يوم النشور، فقلت: ألكِ حاجة؟ قالت: نعم. قلت: وما هي؟ قالت: لا تَدَع ما تصنعُ من زيارتنا والدعاء لنا، فإني لأُبشر بمجيئك يومَ الجمعة إذا أقبلتَ من أهلك فيُقال: يا راهبة ابنك قد أقبل فأسرّ بذلك، وُيسرُّ من حولي من الأموات (٢).

وأخرج الحافظ ابن رجب، عن الأسد بن مُوسى قال: كان لي صديق فمات، فرأيتُه في النوم، وهو يقول لي: سبحان الله جئت إلى قبر فلان صديقك، قرأت عنده وترحّمت عليه، وأنا ما جئت إلي ولا


(١) انظر: ملحق كتاب القبور ٢٠٤ - ٢٠٥ (٧).
(٢) السابق ٢٠٥ (٨).