للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جدّا، [لكن] يُعضده: ما ورد في تفسير قوله تعالى: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: ١٤٣] من شهادة هذه الأمّة للأنبياء، من تبليغ رسالاتهم. قال الحافظ: وبكلّ حال فالأحاديث المتقدّمة، كلها في الشهيد المقتول في سبيل الله، لا يحتمل غير ذلك. قال: وإنما النظر في حديث ابن إسحق اْنتهى (١).

فائدة: سُمّي الشهيد شهيدًا قيل؛ لأنّه مشهود له بالجنة، فهو فعيل بمعنى مفعول، وقيل إن أرواحهم يعني الشهداء حضرة دار السلام؛ لأنهم أحياء عند ربهم، فهو فعيل بمعنى فاعل: أي شاهد، أي حاضِر للجنة، وقيل: سُمّى بذلك لسقوطه بالأرض، والأرض الشاهدة، وقيل: سُمي بذلك لشهادته على نفسه، لله عز وجل، حين لزمه الوفاء بالبيعة التي بايعهُ في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} [التوبة: ١١١] فاتّصلت شهادة الشهيد الحق، بشهادة العبد فَسمّاهُ شهيدا، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في شهداء أحد: "أنا شهيدٌ على هؤلاء" (٢) لبذلهم أنفسَهم دونه وقتلهم بينَ يَديه تصديقًا لما جاء به - صلى الله عليه وسلم -. هذا ملخّص ما ذكره القُرطبي رحمه الله (٣).


(١) "أهوال القبور" ص ١٦٠: ١٦٩.
(٢) رواه البخاري (١٣٤٣) و (١٣٤٧) و (١٣٥٣) و (٤٠٧٩)، وأبو داود (٣١٣٨) و (٣١٣٩)، والترمذي (١٠٣٦)، والنسائي ٤/ ٢٦، وابن ماجه (١٥١٤)، وابن حبان (٣١٩٧)، والبيهقي ٤/ ٣٤.
(٣) "التذكرة" ص ١٨٢، ١٨٣.