للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قبلكم من الأمم مِن صلاة العَصر إلى مغرب الشمس" (١) وفي لفظ "إنما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس" (٢).

ولمّا كان أمر الساعة شديدًا، وهولها مزيدا، وأمدها بعيدا، كان الاهتمام بشأنها أكثر من غيرها، وضيرها أكبر من خيرها، وأكثر النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - من بيان أشراطها، وأماراتها وأخبر عمّا بين يديها من الفتن القريبة والبعيدة، ونبّه أمته لأجل الاعتداد لقطع تلك العقبة الشديدة، فينبغي لكل ذي لب كامل ورأي فاضل أن يشتغل بالأعمال الصالحة، ولا ينهمك في نيل الشَهواتِ الفاضحة.

واعلم أن وقت إتيان الساعة مما انفرد الله بعلمه، وأخفاه عن عباده، وذلك لحكمة فإنه أصلح للعباد لئلَّا يتباطئوا عن التأهب والاعتداد.

قال الفخر الرازي: كما أن كتمان وقت الموت أصلح لهم، يعني: فإنه إذا خفي عليه ذلك كان دائمًا مترقبًا وقوعه، بخلاف إذا علم فربّما كان يرتكب الموبقات ثم إذا قرب وقت الوفاة (تاب) (٣) إلى الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي} [الأعراف: ١٨٧]، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لقمان: ٣٤].


(١) رواه أحمد ٢/ ١١٢ (٥٩١١)، والبخاري (٥٠٢١)، والترمذي (٢٨٧١).
(٢) رواه أحمد ٢/ ٦ (٤٥٠٨) و ٢/ ١٢٤ (٦٥٦٦)، والبخاري (٥٥٧) و (٣٤٥٩)، (٧٤٦٧).
(٣) في الأصل: أتوب.