للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مظلومًا أعانني، وإن كنتُ ظالمًا أخذ منِّي، والله إن طلحة والزّبير لأول من بايعاني، ثم نكثا ولم أستأثر بمال ولا بدلت حكما. فخرج إليه اثنا عشر ألف رجل، ولما قدم عليٌّ رضي الله عنه، قام إليه قيسُ بنُ سعد بن عُبادة، رضي الله عنهما، وابن الكواء فقالا: أخبرنا عن مسيرك، أوَصيّة أوصاك به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أم رأيٌ رأيتَه؟ فقال: أما والله لئن كنتُ أوّل من صدّق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا أكون أوّل من كذَب عليه، والله (لأن) (١) يكون عهدٌ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليّ فلا، ولكن ما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجأة ولا قُتل قتلا، ولكن مَكَث في مرضه أيّامًا وليالي، وكلّ ذلك يأتيه المؤذن فيؤذن بالصلاة، فيقول: "مروا أبا بكر فليصل بالناس". ولقد تركني وهو يرى مكاني، وما كنت غائبًا ولو عهد لي شيئًا لقمت به، حتى أنّ امرأة من نسائه - صلى الله عليه وسلم - أي وهي عائشة رضي الله عنها - عارضت في ذلك فقالت: إنّ أبا بكر رجل رقيق إذا قام مقامك لم يسمع الناس، فلَو أمرتَ عُمر فليصل بالناس، فقال: "إنكن صواحبَ يوسف". فلما قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، نظرنا فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد ولَّاه أمر ديننا، فولّيناه أمر دنيانا، فبايعته في المسلمين وَوفَّيتُ ببيعته، ثم بايعتُ عمر رضي الله عنه ووفيت ببيعته، ثم بايعت عثمان ووفيت ببيعته، فعدا الناس عليه فقتلوه، وأنا معتزل عنهم، ثم


(١) في الأصل: لئن.