للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هريرة وقال بعضُهم: حَمْل الحشرِ على هذا أقوى من وجوه:

أحدها: أنه إذا أطُلقَ الحشرُ يرادُ به شرعًا الحشرُ من القبور، ما لم يخصه دليل.

الثاني: التقسيم المذكور في الخبر لا يستقيم في الحشر إلى أرض الشام؛ لأنّ المهاجرَ لابُدَّ أن يكون راغبًا أو راهبًا، أو جامعًا بين الصفتين.

الثالث: حشر بقية (١) المؤمنين على ما ذكر، وإلجاء النار إلى تلك الجهة، وملازمتها حتى لا تفارقهم. قولٌ لم يرد به التوقيف (٢) وليس لنا أن نحكم (٣) بتسليط النار في الدنيا على أهل الشقوة من غير توقيف.

الرابع: أن الحديثَ يُفسر بَعضهُ بعضًا، وقد وقَعَ في حديث أبي هريرة بلفظ: "ثُلُثًا على الدوابّ، وثلثًا ينسلون على أقدامهم، وثلثا على وجوههم.

قال: ونروي هذا التقسيم نظيرَ التقسيم الذي في سورة الواقعة، كُنتم أزوا جًا ثلاثة، فقولُه: في الحديث: "راغبين راهبين". يريدُ عموم المؤمنين المخلطين عملًا صالحًا وآخر سيئًا، وهم أصحاب الميمنة.

وقوله: "اثنان على بعير" إلى آخره يُريد السابقين، وهم أفاضل المؤمنين رُكبانًا. وقولُه: "وتُحشر بقيتهم النار" يريد أصحاب المشئمة، فيُحتملُ أن البعير تحملُ دُفعة واحدةً لأنه يكونُ من بديع قدرة الله


(١) في الأصل: البقية.
(٢) في (ب): التوفيق.
(٣) في (ب): الحلم.