للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النارُ مع القردة والخنازير، تبيتُ معهم إذا باتوا وتَقِيلُ معهم إذا قالوا" (١). أخرجَهُ الإمام أحمد، وسنده لا بأس به .. إلى أن قال: فليس المُرادُ بهذه النارُ نارَ الآخرة كما زَعمه المعترضُ، وإلّا لقيلَ تُحشَرُ بقيتُهم إلى النار، وقد قال تحشرُ بقيتَهُم النارُ فأضافَ الحشرَ إليها.

وأجاب عن الثاني: أن التقسيم المذكور في الحديث: إنَّ الذي في الحديث، ورد على القصد من الخلاص من الفتن، فمن اغتنم الفرصة سار على فسحة من الظهر، ويُسرة في الزاد راغبًا فيما يستقبله، راهبًا فيما يستدبره وهؤلاء هم الصِنفُ الأول في الحديث، ومن تواني حتى قَلَّ الظَّهر وضاقَ أن يسعهم لركوبهم، اشتركوا وركبوا عقبة، فيحصُلُ اشتراك اثنين في البعير، وكذا الثلاثة وأما الأربعة فالظاهر من حالهم التعاقب لا غير، وسكت عما فوقها إشارةً إلى أنها هي المنتهى في ذلك، وهؤلاء هم الصِنفُ الثاني في الحديث.

وأما الصنف الثالث فعبَّر عنه بقوله: "تَحشرُ بقيَّتهم النار"، إشارةً إلى أنهم عجزوا عن تحصيل ما يركبون، ولم يقع في الحديث بيانُ حالهم، بل يُحتَملُ أنَّهم يمشون، أو يُسحبون فرارًا من النار، ويُؤيّد ذلك، ما وقع في آخر حديث أبي ذر الذي تقدّم وفي الحديث: أنَّهم سألوا عن السبب في مشي المذكورين فيقال: تُلقَى الآفة على الظَّهرِ حتَّى لا يبقى ذات ظهر، حتى إن الرجل ليُعْطي الحديقة العجبة بالشارف -الناقة المسن- ذات القتب، أي: يشتريها بالبُستان الكريم، لِهوان العقار الذي عزم على الرحيل عنه، وعزة الظهر الذي يُوصله إلى مقصوده، وهذا


(١) مسند أحمد ٢/ ١٩٨.