للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتحركت، واضطربت وفزعت الجن إلى الإنس، والإنسُ إلى الجن، واختلطت الدوابُّ والطيرُ والوحش، وماج بعضُهم في بعض فذلك قوله تعالى: {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (٥)} [التكوير: ٥] اختلطتْ {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (٤)} [التكوير: ٤] أُهملت {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (٦)} (١) [التكوير: ٦] قالَ ابن عباس: أوقِدَتْ فصارَتْ نارًا تُضرم قال أُبي: قالت الجنُ للإنس: نحنُ نأتيكم بالخبر فانطَلَقوا إلى البحر، فإذا هو نارٌ تأججّ فبينا هم كذلك إذ تصدَّعَتِ الأرضُ، صدعةً واحدة إلى الأرض السابعة السفلى، وانشقت السماء انشقاقة واحدة إلى السماء السابعة العليا، فبينا هم كذلك: إذ جاءتهم الريحُ فأماتتهم. انتهى

ولنذكر أمورًا تحصل عند نفخة الفزع، من تغير انتظام هذا العالم: الأول: فيما يُصيب الأرضَ، قد جاء فيها آيات منها قوله تعالى {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج: الآية] أي شدة الحركة على الحالة الهائلة، حتى ينهدم كل بناء على وجه الأرض، وهو معنى قوله تعالى: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (١)} [الزلزلة: ١] أي تحركت حركةً شديدةً لقيام الساعة، قال ابن عباس رضي الله عنهما، هي عند النفخة الأولى، وعليه جمهور المفسرين.

وأخرجَ البغوي في "تفسيره"، عن أبي هريرة مرفوعًا: "تقيء الأرض أفلاذ كبدها، أمثال الاسطوان من الذهب والفضة، فيجيء القاتل فيقول: في هذا قتلتُ، ويجئ القاطع فيقول: في هذا


(١) "تفسير البغوي" ٨/ ٣٤٧.