للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال القرطبي: القيامة قيامتان: صُغرى وكُبرى فالصغرى ما تقوم على كُل إنسان في خاصته من خروج روحه، وانقطاع سَعْيه وحُصوله على عمله، والكُبرى: هي التي تعُم الناسَ وتأخُذهُم أخذة واحدة. قال: والدليل على أن كل من مات فقد قامت قيامته، قول المعصوم - صلى الله عليه وسلم -، لقوم من الأعراب سألوه عن الساعة، فنظر إلى أحدث إنسان فقال: "إن يعيش هذا حتى يُدركه الهرم، قامت عليكم ساعتكم" خرّجه مُسلم (١) وغيره وقال الشاعر:

خرجتُ من الدنيا وقامتْ قيامتي ... غداةَ أقَلَّ الحاملونَ جنازتي

وعجل أهلي حفر قبري وصيّروا ... خُروجي وتعجيلي إليه كرامتي

(كأنهم قَطُّ لم يعرفوا سيرتي) (٢) ... غداة أتى يومي عليّ وساعتي

تنبيه: اختلف العلماء رحمهم الله تعالى، في مقدار مدة الوقوف بالمحشر وذلك لورود الآثار في ذلك، تقدم قول ابن عُمر وكعب رضي الله عنهم، وقال مكي في تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٦)} [المطففين: ٦] رُوِيَ أن الناس (٣) يقومون حتى يُلجمهم العرق، فيقومون مقدار أربعين عامًا.

وأخرجه البيهقي من حديث أبي هُريرة.

وقال ابن مسعود (٤): يمكثون أربعين سنةً رافعين رؤوسهم إلى


(١) رواه مسلم (٢٩٥٢) ولفظه: "لم يدركه الهرم".
(٢) في (ب) تقديم وتأخير في ألفاظ هذا الشطر، انظر التذكرة ١/ ٣٣٢.
(٣) عن ابن مسعود كما في "الدر المنثور" تفسير آية (٦) المطففين.
(٤) انظر التخريج السابق.