للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورُوي: أن الموت أشدُّ من الضرب بالسُّيوف، والنشر بالمناشير، والقَرْض بالمقارض.

وأخرج أبو نعيم في "الحلية"، عن واثلة مرفوعًا "والذي نفسي بيده؛ لمعاينة ملك الموت أشدُّ من ألف ضربة بالسّيف" (١).

وجاء أن ملك الموت إذا تولّى قَبضَ نَفسِه بعد موت الخلائق يقول: وعزتك لو علمت من سكرة الموت ما أعلم، ما قبضتُ نفس مؤمن. ذكره القاضي أبو بكر بن العربي. ويأتي قريبًا الكلامُ على شدة الموت.

واعلم أن لملك الموت نذيرًا قال القرطبي: ورد في الخبر: أن بعضَ الأنبياء قال لملك الموت: أمالك رسولُ تقدمه بينَ يديك يكون الناسُ على حَذَر منك؟ قال: نعم؛ لي واللهِ رسلٌ كثيرة من الأعلال، والأمراض والهرم، وتغيّر السمع والبصر، والشيب، فإذا لم يتذكر من نزل به ذلك ولم يتُب، ناديته إذا قبضته، ألمْ أقدّم إليك رسولًا بعد رسول، وأنا النذير الذي ليس بعدي نذير. فما من يوم تَطلعُ شمسُه، إلا وملك الموت يُنادي، يا أبناء الأربعين، هذا وقت أخذ الزاد، أذهانكم حاضرة، وأعضاؤكم قويّة شداد، يا أبناء الخمسين، قدْ دَنا الأخذ والحصاد. يا أبناء السّتّين نسيتم العقاب، وغفلتم عن ردّ


(١) "حلية الأولياء" ٥/ ١٨٦. وروي عن غير واثلة: انظر "مصنف عبد الرزاق" (٦٧٧٣)، و"بغية الباحث" (٢٥٦)، و"حلية الأولياء" ٨/ ٢٠١، و"تاريخ بغداد" ٣/ ٢٥٢. وسيأتي الكلام عليها بعد نحو عشرين صفحة. انظر ص ٦٢ ت (١).