للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبينه حجاب يحجبه، ولا ترجمان يترجم له، فيقول: أولم أوتك مالا" فيقول بلى فيقول: أولم أرسل إليك رسولا؟ فيقول: بلى. فينظر عن يمينه فلا يرى إلا النار، وينظر عن يساره فلا يرى إلا النار، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النَّار فليتق أحدكم النار ولو بشق تمرة، فإنْ لم يجد فبكلمة طيبة".

قال العلماء: ذلك يكون على الصراط والنار محيطة به وأخرج البيهقي (١) عن أبي هريرة زضي اللهُ عَنْهُ أنَّه قال: قال أعرابي: يا رسول الله مَنْ يحاسب الخلق يوم القيامة؟ قال: "الله" قال: نجونا ورب الكعبة. قال: "وكيف يا أعرابي؟ " قال؛ لأنّ الكريم إذا قدر عفا.

وما أحسن ما قيل من الحكم المدوّنة: الكريم إذا قدر غفر وإذا زللت معه ستر. ومنها: ليس من عادة الكرام سرعة الغضب والانتقام.

فائدة: ذكر القرطبي في "التذكرة" (٢) أن الله سبحانه وتعالى يكلِّم المسلمين عند الحساب من غيرِ ترجمان إكرامًا لهم، ولا يكلم الكافرين، بل تحاسبهم الملائكة إهانة لهم وتمييزًا عن أهل الكرامة.

وأخرج الشيخان (٣) عن أبي هريرة رَضي اللهُ عَنْهُ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثة لا يكلمهم (٤) الله يوم القيامة، ولَا يزكيهم، ولهم عذابٌ


(١) "كنز العمال" ٣٩٧٤٩.
(٢) (١/ ٣٤٣) في أسماء يوم القيامة ومنها يوم الحساب.
(٣) البخاري (٢٣٦٩)، ومسلم (١٠٨)، والنسائي (٧/ ٢٤٦)، وابن ماجه (٢٨٧٠).
(٤) ورد في هامش الأصل: أي: كلامًا يسرهم، وهو كناية عن غضبه، والصحيح إثبات الكلام لله عز وجل على الحقيقة كما أثبته لنفسه عز وجل =