للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثالث: الحلف بالله كذبًا لاسيما بعد العْصرِ، وهذا معلوم قبحه فنسأل الله العافية (١).

وأخرج مسلم (٢) عن أبي ذر رَضي اللهُ عَنْهُ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ثلاثة لا يكلمهم اللهُ يومَ القيامَة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليمٌ: شيخٌ زانِ، ومَلِك كذَّابٌ، وعائلٌ أي: فقير مستكبر".

فلا شك أن هؤلاء الثلاثة أشخاص بالغوا في القبح، فإنَّ الزنا من حيث هو قبيح لكن من الشيخ الكبيرِ الذي قد انطفت شهوته، ولم يحمله على فعلِ هذه الكبيرة إلا مجرد العناد والحماقة أقبح، وكذلك الكذب إنما يحمل عليه الحاجة والطمع والخوف ونحو هذه الأمور، ومن المعلوم أنّ الملِك لا يفتقر لشيء من هذه الأشياء؟ فالكذب قبيح ومن الملِك أقبح لكونه إنَّما فعله لعناده وحماقته، وكذلك الكبر قبيح ومن الفقير الذي لم تتوفر له الأسباب الحاملة على الكبر أقبح. نعم إنْ تكبر الفقير على المتكبر بمعنى أنَّه لم ينخفض له من أجل دنياه بل تنزه والتجأ إلى اللهِ فهذا مِنْ مكارم الأخلاقِ التي يحمد عليها مَنْ فعلها. فنسأل الله أنْ يمن علينا بالتوفيق لما يرضيه عنا بمنه وكرمه.


(١) قال ابن حجر رحمنا الله وإياه في الفتح (٧٢١٢): قال الخطابي خص وقت العصر بتعظيم الإثم فيه وإن كانت اليمين الفاجرة محرمة في كل وقت لأن الله عظم شأن هذا الوقت بأن جعل الملائكة تجتمع فيه وهو وقت ختام الأعمال والأمور بخواتيمها فغلظت العقوبة فيه لئلا يقدم عليها تجرؤاً فإن من تجرء عليها فيه اعتادها في غيره .... ! اهـ. محل المقصود منه.
(٢) مسلم (١٧١).