للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُلْتُ: أفادنا هذا الحديث أنَّ ترك السيّئة بعدَ الهَمِّ بها إنَّما يكون حسنةً إذا كان التركُ من أجلِ اللهِ كما نطق به الحديث ومفهومه أنَّه إنْ لم يكن الترك من أجله تعالى فلا يكون ذلك حسنة وهو كذلك واعلم أنَّ الإنسانَ إذا همّ بالحسنةِ يكون ذلك حسنة لأنَّ الهم بالمعروف معروفٌ وقد أحسن من قال:

لأشكرنك معروفا هممت به ... فإنَّ همّك بالمعروف معروف

ولا ألومك إذ لم يمضه قدر ... فالشيء بالقدر المحتوم مصروف

وإذا همَّ الإنسانُ بسيئةٍ فتركها من أجلِ اللهِ كان ذلك حسنة فإنْ عزمَ، وصمم على فعل السيّئة، ثم لم يقدر عليها فلا يكون ذلك حسنة بل سيّئة فإنْ صمم على فعل السيّئة، ثم تركها من أجلِ اللهِ فهذا ربَّما يقال: التصميم على فِعْل السيّئة سيئة، والرجوع عنه من أجل الله كفارة لذلك التصميم. وقد بيَّن الحافظ ابن رجب تفصيل ذلك في كتابهِ "شرح الأربعين" فليراجعه مَنْ شاء والله أعلم.

وعن أبي عثمان النهدي قال: قدمتُ إلى مكة حاجًا، أو معتمرًا فلقيتُ أبا هريرةَ رَضي اللهُ عَنْهُ فقلت: بلغني عنكَ أنك تقول: اللهُ يعطي عبدَه المؤمن بالحْسنةِ الواحدة ألف حسنة. فقال: لم أقل ذلك، ولكني قلتُ: إنَّ الحْسنةَ تضاعف بألفي ألف ضعف. ثم قال: قال الله تعالى: {وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: ٤٠].

قُلْتُ: خرجه الإمام أحمد وقال: قال أبو هريرة: إذا قال الله