والثَّاني: أن الوقوف على الباب المغلق ذُلٌّ فَصِينَ عنه أهل الجنَّة دون أهل النَّار.
والثالث: أنَّه لو وجَدَ أهل الجنَّة بابًا مغلقًا لأثَّر انتظار فتحه في كمالِ الكرمِ ومن كمال الكرم غلق أبواب النَّار إلى مجيء أصحابها؛ لأنَّ الكريم يعجل المثوبة ويؤخر العقوبة. انتهى كلامه.
والإمام المحقق لا يرتضي ذلك كله بل قال: هذا قول ضعيف لا دليل عليه، ولا تعرفه العرب؛ ولا أئمة العربيَّة وإنَّما هذا من استنباط بعض المتأخرين. وقال عن القول بأنَّها زائدة: هو ضعيف أيضاً فإن زيادةَ الواو غير معروفة في كلامهم، ولا يليق بأفصح الكلام أن يكون فيه حرف زائد بغير معنى، ولا فائدة. واختار بأن الواو عاطفة عَلىَ قوله تعالى:{جَاءُوهَا} وأن الجواب محذوف.
قال: وهو اختيار أبي عبيدة، والمبرد، والزجاج، وغيرهم، قال المبرد: وحذف الجواب أبلغ عند أهل العلمِ. قال أبو الفتح ابن جني: وأصحابنا يدفعون زيادة الواو، ولا يجيزونه، ويرون أنَّ الجوابَ محذوفٌ للعلم به فإن قيل: ما السر في حذف الجواب في آية أهْلِ الجنةِ، وذكره في آية أهل النَّار؟ فالجواب: إنَّ هذا أبلغ في الموضعين فإنَّ الملائكةَ تسوق أهْلَ النَّار إليها وأبوابها مغلقة حَتَّى إذا جاءوها فتحت في وجوههم ففجئهم العذاب بغتة فحين انتهوا إليها فتحت أبْوابها بلا مهلة، فإنًّ هذا شأن الجزاء المرتب على الشرط أن يكونَ عقيبه فإنَّها دارُ الإهانةِ والخزي فلم يستأذن لهم في دخولها، وأمَّا الجنَّة