وقال عكرمة (١): حالًا بعد حال رضيعًا، ثم فطيما، ثم غلاماً، ثم شابا، ثم شيخاً هذا معنى الآية الكريمة.
وقيل غير ذلك من الشدائد، والمصائب شدة بعد أخرى حَتَّى يأذنَ اللهُ سبحانه لنبيه وخاتم رسله أن يشفعَ إليه في فتحها لهم وهذا أبلغ واعظ في تمام النعمةِ، وحصول الفرح والسرور ولئلا يتوهم الجاهلُ أنَّها بمنزلةِ الخان الذي يدخله من شاء فجنة غالية، ومنزلة عالية بين النَّاسِ وبينها من العقاب، والمفاوز، والأخطار ما لا تنال إلَّا به فمَا لمن أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني ولهذه الدار فليعد عنها إلى ما هو أولى به وقد خلق لها وهي له.
قُلْتُ: وكلامه كله في الاحتجاج على أنَّ أبواب الجنةِ يصادفها أهلها مغلقة كما أنَّ أبوابَ النَّارِ يصادفها أهلها كذلك وهذا فيه نزاع مشهور بين العلماء والذي ذهبَ إليه ابن الجوزي، وغيرها وتلاهم العَلامة في "بهجته" خلاف ما نحاه الإمام المحقق.
فَإِنْ قُلْتَ: ما الذي تختاره؟ قُلْتُ: كلام المحقق أبلغ، وكلام الجمهور أظهر وأنا أختار ما قاله المحقق فإنا إذا قلنا:{حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ}[الزمر: ٧٣] دلالة ظاهرة على ما نحاه، وتقدير الكلام حَتَّى إذا جاءوها وفتحت أبوابها سعدوا، وفازوا، ونعموا وقال لهم خزنتها وأمَّا قوله تعالى: {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (٥٠)} [ص: ٥٠] أي:
(١) ذكره البغوي في "تفسيره" ٨/ ٣٧٦، ينظر في تفسير ابن عثيمين رحمنا الله وإياه في تفسيره للآية حيث ذكرها أن أحوال الإنسان أربعة: الأمكنة، والأزمنة، الأبدان والقلوب.