تعرفون ما هذا؟ فيقولون: نعم، وكل قَدْ رآه، هذا الموت. فيذبح". زاد أبو يعلى: "كما تذبح الشاة" (١).
ولا شكّ أن ألم الموت شديد، والحرص منه لا يفيد، فيا من غَفَل عنَ هذا الخطْبِ العظيم، والداء الجسيم. انتبه قبل أن يحلّ بك الحِمام، وتذوقَ طعم الآلام. فلا ينفع ثمّ عُذر ولا ندامةَ، سوى التقوى والاستقامة، فما بالك تطلب الدنيا طلب من لا يموت، وتجهد نفسك في جمعها، مع أنّ حظك من ذلك القوت، انتبه يا مسكين لذلك الوقت المحتوم، واعبد مولاك الجوَاد الحيّ القيّوم، فإنَّ الدنيا لا تدوم، والندمُ على ذي الفعل المذموم. وما أحسن قول القائل:
أذكرُ الموتَ ولا أرهبهُ ... إنّ قلبي لغليظ كالحجر
أطلب الدّنيا كأنّي خالد ... ووَرائي الموت يقفو بالأثر
وكفى بالموت فاعلم واعظا ... لمن الموت عليه قد قدَر
والمنايا حوله ترصُده ... ليس ينجي المرءُ منهنّ مَفر
فمثل لنفسك يا مغرور قد حلّت بك السّكرات، ونزل بك الأنين والغمرات، فمِن قائل: إنّ فلانا قدْ أوصى. وماله قد أُحصي. ومن قائل يقول: إنّ فلانا ثقل لسانه، فلا يعقل يعرف جيرانه، ولا يكلم إخوانه. وكأنّي أنظر إليك تسمع الخطاب، ولا تحسن ردّ
(١) رواه البخاري (٤٧٦٠) ومسلم (٢٨٤٩) وأبو يعلى (١١٧٥) من حديث أبي سعيد رَضِي اللهُ عَنْهُ.