للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أمر الناس بصيام عاشوراء في أثناء اليوم، أمسكوا في حينه، وأمر من كان أكل أن يمسك بقية يومه، وعاشورا كان حينها فرضا، فالإمساك في رمضان من باب أولى؛ لأن حرمته أشد (١).

الدليل الثاني: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» (٢).

وجه الاستدلال: لما تعذر إمساك جميع اليوم، وجب أن يأتوا بما يقدرون عليه وهو بقية اليوم (٣).

الدليل الثالث: ولأنه ثبت أن هذا اليوم من رمضان، فوجب إمساكه (٤).

الدليل الرابع: ولأن الصوم كان واجبا عليه، إلا أنه قد عذر لعدم علمه، فلما تبين أنه من رمضان لزمه الإمساك (٥).

قال أبو الوليد الباجي (٦): "لأنه إنما جاز لهم الفطر وهم يظنون أن ذلك اليوم من غير رمضان، فإذا علموا أنه من رمضان كان عليهم الإمساك، وإنما يجوز استدامة الفطر لمن كان له الفطر لعذر مع العلم بأن ذلك اليوم من رمضان فإذا زال العذر كان له استدامة الفطر باقي يومه كالحائض والمريض والمسافر" (٧).


(١) ينظر: بدائع الصنائع ٢/ ١٠٢، والشرح الممتع ٦/ ٣٣٢.
(٢) أخرجه البخاري ٩/ ٩٤ رقم ٧٢٨٨, كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة, باب الاقتداء بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , واللفظ له, ومسلم ٤/ ١٨٣٠ رقم ١٣٣٧ ,كتاب الفضائل, باب توقيره - صلى الله عليه وسلم - ...
(٣) ينظر: كشاف القناع ٢/ ٣٠٨.
(٤) ينظر: الشرح الممتع ٦/ ٣٣٢.
(٥) ينظر: الشرح الكبير ٦/ ٤٣٦.
(٦) هو: سليمان بن خلف بن سعد، أبو الوليد الباجي الأندلسي، من كبار فقهاء المالكية, رحل إلى المشرق ثم عاد إلى بلاده ونشر الفقه والحديث, وكان بينه وبين ابن حزم مناظرات ومجادلات ومجالس, توفي سنة ٤٧٤ هـ, من تصانيفه: الاستيفاء شرح الموطأ؛ وشرح المدونة؛ وأحكام الفصول في أحكام الأصول. ينظر: الديباج المذهب ص ١٢٠؛ تاريخ الإسلام ١٠/ ٣٦٥, الأعلام ٣/ ١٢٥.
(٧) المنتقى ٢/ ٤٠.

<<  <   >  >>