للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الخامس: ولأن زمان رمضان وقت شريف، فيجب تعظيم هذا الوقت بالقدر الممكن، فإذا عجز عن تعظيمه بتحقيق الصوم فيه، وجب تعظيمه بالتَشَبُّه بالصائمين؛ قضاء لحقه بالقدر الممكن، إذا كان أهلا للتَشَبُّه، ونفيا لتعريض نفسه للتهمة (١).

وأما أدلتهم على وجوب القضاء فهي:

الدليل الأول: «أن أَسْلَم (٢) أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «صمتم يومكم هذا»؟ قالوا: لا»، قال: «فأتموا بقية يومكم, واقضوه» (٣).

الدليل الثاني: ولأن من شرط صحة صيام الفرض أن تستوعب النية جميع النهار، فتكون من قبل الفجر، والنية هنا كانت من أثناء النهار، فلم يصوموا يوما كاملا.

وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» (٤).

الدليل الثالث: ولأنه أفطر في جزء من رمضان يعتقده وقت فطر, فلزمه القضاء (٥).

أدلة القول الثاني: القائلين بأن من جاءه الخبر أن هذا اليوم الذي أفطره من رمضان، يأكل بقية يومه، ولا يلزمه الإمساك ثم يقضي ذلك اليوم.

الدليل الأول: قياسا على المسافر إذا قدم وهو مفطر، والمريض إذا شفي، والمرأة الحائض إذا طهرت أثناء اليوم؛ فهؤلاء جميعا يجوز لهم الإفطار فيما بقي من اليوم (٦).


(١) ينظر: بدائع الصنائع ٢/ ١٠٢، والحاوي الكبير ٣/ ٤٢١.
(٢) هي: قبيلة من خُزاعة، من قراهم «وَبْرَة» ذات نخيل من أعراض المدينة في وادي الفرع. ينظر: المعالم الأثيرة في السنة والسيرة ص/٢٧, وينظر: معجم البلدان ٥/ ٣٥٩.
(٣) رواه أبو داود ٢/ ٣٢٧ رقم ٢٤٤٧, في الصوم, باب في فضل صومه, وقال: "يعني عاشوراء", والبيهقي في السنن الكبرى ٤/ ٣٧٣ رقم ٨٠٣٦, كتاب الصيام, باب: من أصبح يوم الشك لا ينوي الصوم ... ، وقال شعيب الأرنؤوط ٤/ ١٠٨: "حديث صحيح لغيره دون قوله: «فاقضوه» ", من طريق: عبد الرحمن بن مَسْلَمة الخزاعي، عن عمه رضي الله عنه, وقال الألباني في السلسلة الضعيفة ١١/ ٣٢١ رقم ٥١٩٩: "منكر بهذا التمام".
(٤) هو أول حديث في صحيح البخاري, باب كيف كان بدء الوحي, واللفظ له، ومسلم ٣/ ١٥١٥ رقم ١٩٠٧, في كتاب الإمارة, باب قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الأعمال بالنية»، وأنه يدخل فيه الغزو.
(٥) ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام ١/ ٤٩٤.
(٦) ينظر: المغني ٣/ ١٤٥.

<<  <   >  >>