للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الرابع: وقياسا على ما قلتموه في الحج فيمن أحرم بحجة تطوع وعليه حجة الإسلام، أنها تنتقل إلى فرضه، كذلك في صوم رمضان، إذا نواه عن نذر وكفارة، أو تطوع انتقلت بِنِيّته إلى فرضه (١).

الراجح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الأول: أنه يجب تعيين النية في صيام رمضان؛ وذلك لصحة ما استدلوا به ولدقة وجوه الاستنباط من الأدلة.

وأما الجواب عما استدل به أصحاب القول الثاني فيجاب عنه بما يلي:

أولا: أما استدلالهم بالآية: فقد مضى الجواب عنه في أدلة الجمهور وأن وجه الاستدلال الذي فهموه منها غير مراد.

ثانيا: وأما قولهم: إن زمان رمضان مستحق الصيام، فلم يفتقر إلى تعيين النية، فيجاب عنه:

أنه منتقض بمن بقي عليه من وقت الصلاة قدر ما يفعلها فيه، فقد استحق زمان فعلها ووجب عليه تعيين النية فيها (٢).

ومما يضعف هذا القول أيضا: تفريقهم بين المسافر والمقيم، وذلك أنهم يقولون إن المسافر لو نوى رمضان عن نذر أو كفارة أجزأ عما نواه، بينما المقيم عندهم لو نوى رمضان عن نذر أو كفارة لم يقع إلا عن رمضان (٣).

ثالثا: وأما قياسهم انقلاب النية من النفل إلى الفرض في رمضان على طواف القدوم إذا نوى من فعله أن يجعلها عمرة, فيجاب عنه:

أنه يُفَرَّق بين من يكون طوافه في إحرام انقلب، كالإحرام الذي يفسخه ويجعله عمرة، فينقلب الطواف فيه تبعا لانقلاب الإحرام، كما ينقلب الطواف في الإحرام الذي نوى به التطوع إذا كان عليه حَجَّة الإسلام، تبعا لانقلاب إحرامه من أصله، ووقوعه عن فرضه،


(١) ينظر: شرح عمدة الفقه كتاب الصيام ١/ ٢٠١، وينظر: الأشباه والنظائر للسيوطي ١/ ١٨.
(٢) ينظر: الحاوي الكبير ٣/ ٤٠٣، المسالك لابن العربي ٤/ ١٦٩.
(٣) ينظر: الحاوي الكبير ٣/ ٤٠٣. وهذا الذي ذُكِر: عن أبي حنيفة، وخالفه صاحباه. ينظر: بدائع الصنائع ٢/ ٨٤.

<<  <   >  >>