للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدلة القول الثالث: يكره صيام يوم الشك بنية النفل.

الظاهر أن أصحاب هذا القول قد جمعوا بين النصوص التي استدل بها أصحاب القول الأول، والتي تفيد جواز صيام يوم الشك بنية النفل، وبين النصوص التي استدل بها أصحاب القول الثاني، والتي تفيد النهي عن صيام يوم الشك بنية النفل، ثم حملوا النهي على الكراهة، والله أعلم.

الراجح: الذي يترجح والله أعلم هو القول الثاني: أنه يحرم صيام يوم الشك بنية النفل؛ إلا ما جاء الإذن به عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، كمن كانت له عادة صيام، وأن النهي الوارد في الأحاديث يفيد منع الصيام لا كراهته؛ والأصل في النهي التحريم، ولا صارف له إلى الكراهة (١).

ويجاب عما استدل به أصحاب القول الأول بما يلي:

أولا: أما استدلالهم بحديث: «لا يصام اليوم الذي يشك فيه أنه من رمضان إلا تطوعا». فهو حديث لا أصل له.

ثانيا: وأما استدلالهم بحديث: وصل شعبان برمضان, فيجاب عنه:

أنه يجوز ذلك لمن كان له عادة صيام، كما جاء الحديث صريحا في ذلك.

ثالثا: وأما قولهم: إن النهي بالتقدم لمن صامه احتياطا خشية أن يكون اليوم من رمضان, فيجاب عنه من وجهين:

الأول: أن في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ولا يومين» دليل على أن المقصود هنا هو انهي عن صيام التطوع وليس صيام يوم الشك؛ وذلك لأن الشك لا يكون في يومين فلو قصد النهي عن يوم الشك لاكتفى بقوله: «بصوم يوم» (٢).

الثاني: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه» فالحديث نهى عن التقدم, ثم استثنى من عرفنا، وهذا استثناء متصل، فهل من استُثني في الحديث له أن يصوم يوم الشك بنية الاحتياط من لرمضان أو يقتصر الجواز على صيام النفل؟ . فإذا كان الجواب هو الثاني وهو المقصود من الحديث بلا شك، فما فائدة هذا الاستثناء إذا أبحنا للجميع صيام يوم الشك بنية النفل من كان له عادة ومن لم يكن له عادة! .


(١) ينظر: إرشاد الفحول ١/ ٢٧٩.
(٢) ينظر: التمهيد ٢/ ٤١.

<<  <   >  >>