للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: فأبوا، قال: «إني لست مثلكم، إني أيسركم، إني راكب»، فأبوا، فثنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخذه فنزل فشرب وشرب الناس، وما كان يريد أن يشرب» (١).

وجه الاستدلال: دل الحديث على أن الأيسر هو الأفضل؛ وبيانه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما صام وأمر الناس بالفطر في الابتداء؛ لكون الصوم لا يشق عليه , إذ إنه كان راكبا لا يحتاج إلى المشي , وأمرهم بالفطر , إذ كانوا مشاة يشتد عليهم الصوم، ويحتاجون إلى الفطر (٢).

الدليل الرابع: عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: «إنما أراد الله بالفطر في السفر التيسير عليكم فمن يسر الله عليه الصيام فليصم، ومن يسر عليه الفطر فليفطر» (٣).

وجه الاستدلال: فهذا ابن عباس - رضي الله عنهما - جعل الصيام والفطر على جهة التيسير (٤).

الدليل الخامس: عن عائشة - رضي الله عنها -، قالت: «ما خُيِّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أمرين؛ إلا اختار أيسرهما, ما لم يكن إثما؛ كان أبعد الناس منه» (٥).

الدليل السادس: قوله - صلى الله عليه وسلم - في وصيته إلى معاذ وأبي موسى (٦) - رضي الله عنهما -: «يَسِّرا ولا تُعَسِّرا» (٧).


(١) رواه أحمد ١٨/ ١٨ رقم ١١٤٢٣, وقال محققه شعيب الأرنؤوط: "إسناده صحيح على شرط مسلم", وأبو يعلى في المسند ٢/ ٣٣٧ رقم ١٠٨٠, وابن خزيمة في صحيحه ٣/ ٢٢٨ رقم ١٩٦٦, وقال الألباني في تعليقه على صحيح ابن خزيمة ٣/ ٢٥٦: "إسناده صحيح على شرط مسلم".
(٢) ينظر: صحيح ابن خزيمة ٢/ ٩٧٢.
(٣) سبق تخريجه صفحة (٢٠٤).
(٤) ينظر: التوضيح لابن الملقن ١٣/ ٣٣٥.
(٥) رواه البخاري ٨/ ١٦٠ رقم ٦٧٨٦, كتاب الحدود, باب إقامة الحدود والانتقام لحرمات الله, ومسلم ٤/ ١٨١٣ رقم ٢٣٢٧, كتاب الفضائل, باب مباعدته - صلى الله عليه وسلم - للآثام واختياره من المباح أسهله.
(٦) هو: عبد الله بن قيس الأشعري، أبو موسى, من أهل زبيد باليمن, صحابي من الفاتحين الولاة, قدم مكة عند ظهور الإسلام فأسلم، وهاجر إلى الحبشة, واستعمله النبي - صلى الله عليه وسلم - على زبيد وعدن, ولي البصرة في عهد عمر بن الخطاب وعثمان، وافتتح أصبهان والأهواز، والكوفة في عهد علي، توفي بالكوفة سنة ٤٤ هـ. ينظر: معرفة الصحابة ٤/ ١٧٤٩, والإصابة ٤/ ١٨١, السير ٢/ ٣٨٠.
(٧) رواه البخاري ٤/ ٦٥ رقم ٣٠٣٨, كتاب الجهاد والسير, باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب، وعقوبة من عصى إمامه, ومسلم ٣/ ١٣٥٩ رقم ١٧٣٣, كتاب الجهاد والسير, باب في الأمر بالتيسير، وترك التنفير.

<<  <   >  >>