للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثاني: عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال في قوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}: «فإذا شهده وهو مقيم فعليه الصوم، أقام أو سافر. وإن شهده وهو في سفر، فإن شاء صام وإن شاء أفطر» (١).

الدليل الثالث: عن علي - رضي الله عنه - قال: «إذا أدركه رمضان وهو مقيم، ثم سافر فليصم» (٢).

الدليل الرابع: عن أم ذَرَّة (٣) قالت: أتيت عائشة - رضي الله عنها -، فقالت: «من أين جئت؟ »، فقلت: من عند أخي، فقالت: «ما شأنه؟ »، قلت: ودعته، يريد أن يرتحل، قالت: «وأقرئيه مني السلام، ومُري به فليُقِم، فلو أدركني وأنا ببعض الطريق، لأَقَمت» , يعني رمضان (٤).

وجه الاستدلال: أن عائشة رضي الله عنها أمرت من استهل عليه شهر رمضان وهو مقيم، بأن لا يسافر؛ لأنه لا يمكنه الترخص بالإفطار.

الدليل الخامس: لأنه لمّا استهل عليه الشهر في الحضر ولزمه صوم الإقامة، وهو: صومُ الشهر كاملا حتما، أراد بسفره هذا إسقاط الصوم عن نفسه، فيُمنَعُ من ذلك، كما مُنِعَ من الفطر في اليوم الذي كان مقيما فيه ثم سافر (٥).

أدلة القول الثاني: القائلين بأن له الفطر في سفره ذلك.

الدليل الأول: قول الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (٦).

وجه الاستدلال: أن الله سبحانه وتعالى قد جعل مطلق السفر سببا لرخصةِ الفطر، والسبب في هذه الرخصة هو المشقة، وهي ثابتة على كل حال، سواء سافر أثناء الشهر أو سافر قبل استهلاله (٧).


(١) تفسير الطبري ٣/ ٤٤٩.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة ٢/ ٢٨٢ رقم ٩٠٠١, والطبري في التفسير ٣/ ٤٤٩.
(٣) هي: أم ذَرّة المدنية، مولاة عائشة, روت عن: عائشة, وأم سلمة, وعنها: ابن المنكدر, وعائشة بنت سعد. ينظر: تهذيب التهذيب ١٢/ ٤١٥, تهذيب الكمال ٣٥/ ٣٥٨.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ٢/ ٢٨٣ رقم ٩٠١٠, والطبري في التفسير ٣/ ٤٥١.
(٥) ينظر: بدائع الصنائع ٢/ ٩٤.
(٦) سورة البقرة: آية: ١٨٤.
(٧) ينظر: بدائع الصنائع ٢/ ٩٤, وتحفة الفقهاء ١/ ٣٥٨، والمغني ٣/ ١١٧.

<<  <   >  >>