للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثاني: عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح في شهر رمضان، فصام حتى بلغ الكديد، ثم أفطر وأفطر الناس» (١).

وجه الاستدلال: هذا الحديث نص في جواز فطر المسافر الذي استهل عليه شهر رمضان وهو مقيم وبيانه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى مكة خلال شهر رمضان، أي بعد أن استهل عليه الشهر وهو مقيم صائم بالمدينة، ومع ذلك فقد أفطر في بعض مراحل سفره (٢).

الدليل الثالث: عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: «غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لست عشرة مضت من رمضان، فمنا من صام ومنا من أفطر، فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم» (٣).

وجه الاستدلال: أن أبا سعيد الخدري - رضي الله عنه - يخبر أنهم خرجوا للغزو، بعد أن كان قد استهل عليهم شهر رمضان. فمنهم من أفطر في سفره ذلك، ومنهم من صام، ولم يعب بعضهم على بعض. ولا شك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد علم بصنيعهم، ولم ينكر عليهم.

الدليل الرابع: عن ابن عمر - رضي الله عنه -: «أنه خرج في رمضان فأفطر» (٤).

وجه الاستدلال: أن ابن عمر - رضي الله عنه - خرج مسافرا بعد أن استهل عليه شهر رمضان، ومع هذا فقد أفطر.

الدليل الخامس: ولأن صوم الشهر عبادات متفرقة، وإنما يلزمه الأداء باعتبار اليوم الذي كان مقيما في شيء منه دون اليوم الذي كان مسافرا في جميعه، قياسا على الصلوات (٥).


(١) سبق تخريجه صفحة (٢٠٠).
(٢) ينظر: فتح الباري ٤/ ١٨١، وشرح البخاري لابن بطال ٤/ ٨٦، والتمهيد ٣/ ٢٩٩، وإرشاد الساري ٣/ ٣٨٤.
(٣) سبق تخريجه صفحة (١٩٨).
(٤) رواه ابن أبي شيبة في المصنف ٢/ ٢٨٢ رقم ٩٠٠٣, ما قالوا: في الرجل يدركه رمضان فيصوم ثم يسافر, وقال الألباني في تصحيح حديث إفطار الصائم ص ٤٢: "إسناد رجاله ثقات".
(٥) ينظر: المبسوط للسرخسي ٣/ ٩٢.

<<  <   >  >>