للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال: في هذا الحديث دليل على أن للصائم في السفر الفطر بعد مضي بعض النهار (١)؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - بالفطر بعد أن أخبراه بصومهما.

الدليل السادس: وقياسا على المريض؛ فكما أجزنا للمريض الإفطار بعد تلبسه بالصيام لوجود العذر، فكذلك نجيز للمسافر الفطر بعد تلبسه بالصيام لوجود العذر (٢).

أدلة القول الثاني: القائلين لا يجوز له الفطر لكن إن أفطر لا كفارة عليه.

الدليل الأول: قياسا على الصلاة؛ فكما لا يجوز له أن يترخص بقصر الصلاة إذا دخل فيها بنية الإتمام، فكذا لا يجوز للمسافر الترخص بالفطر إذا دخل فيه بنية الإتمام (٣).

الدليل الثاني: ولأنه أفطر في صوم رمضان، فلزمه القضاء كما لو كان حاضرا (٤).

الدليل الثالث: ولأنه ليس في حديث ابن عباس - رضي الله عنه - الذي فيه إفطار النبي - صلى الله عليه وسلم - بالكديد دلالة على أنه - صلى الله عليه وسلم - نوى الصيام في ليلة اليوم الذي أفطر فيه، فيحتمل أن يكون نوى أن يصبح مفطرا، ثم أظهر الإفطار ليفطر الناس (٥).

أدلة القول الثالث: القائلين بأنه لا يجوز له الفطر فإن أفطر فعليه الكفارة.

الدليل الأول: لأن المفطر كانت له السعة في أن يفطر أو يصوم، فإذا صام فليس له أن يخرج منه إلا بعذر من الله، فإن أفطر متعمدا كانت عليه الكفارة (٦).

الدليل الثاني: لأن الله تعالى خير العبد بين الفطر والصوم، فأيهما اختار لزمه أحكامه. ومن أحكام الصوم: الكفارة على الإفساد (٧).

الترجيح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الأول: أنه يجوز له الفطر؛ وذلك لصحة أدلتهم، ولأنها نص في محل النزاع ودلالتها على جواز فطر الصائم المسافر بعد أن كان نوى الصيام واضحة، ولضعف ما استدل به أصحاب القولين الآخرين، وبيانه كالتالي:


(١) ينظر: صحيح ابن خزيمة ٢/ ٩٧٧.
(٢) ينظر: المهذب ١/ ٣٢٧، حاشيتا قليوبي وعميرة ٢/ ٨٢.
(٣) ينظر: المهذب للشيرازي ١/ ٣٢٧.
(٤) ينظر: المغني ٣/ ١١٨.
(٥) ينظر: فتح الباري ٤/ ١٨٢.
(٦) ينظر: المدونة ١/ ٢٧٢.
(٧) ينظر: الذخيرة ٢/ ٥١٣، والمنتقى للباجي ٢/ ٥٠.

<<  <   >  >>