للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم في حجة الوداع وهو صائم؛ لأن ابن عباس ¢ لم يصحبه - صلى الله عليه وسلم - في سفره وهو محرم إلا في حجة الوداع، فدل على جواز الحجامة للصائم، وأنها لا تُفَطِّر.

قال ابن عبد البر: "فابن عباس شهد معه حجة الوداع، وشهد حجامته يومئذ محرم صائم. فإذا كانت حجامته - صلى الله عليه وسلم - عام حجة الوداع فهي ناسخة لا محالة؛ لأنه لم يدرك بعد ذلك رمضان؛ لأنه توفي في ربيع الأول - صلى الله عليه وسلم - " (١).

الدليل الثاني: عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «أول ما كُرِهت الحجامة للصائم، أن جعفر بن أبي طالب (٢) - رضي الله عنه - احتجم وهو صائم، فمر به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «أفطر هذان»، ثم رخص النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد في الحجامة للصائم»، «وكان أنس يحتجم وهو صائم» (٣).

الدليل الثالث: عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال: «رَخَّص النبي - صلى الله عليه وسلم - في القُبلة للصائم، ورخَّص في الحجامة للصائم» (٤).

وجه الاستدلال: في الحديث دليل على أن الفطر بالحجامة منسوخ؛ لأن الرخصة تأتي بعد العزيمة (٥).


(١) الاستذكار ٣/ ٣٢٤.
(٢) هو: جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب، أبو عبد الله، صحابي هاشمي من شجعانهم، يقال له: جعفر الطيار، وهو من السابقين إلى الإسلام، وكان خطيب القوم أمام ملك الحبشة، كان أمير الجيش إلى مؤتة بعد زيد بن حارثة, فاستشهد هناك - رضي الله عنه -، روى عنه: عمرو بن العاص, وابن مسعود, وغيرهم. ينظر: معرفة الصحابة ٢/ ٥١١، والاستيعاب ١/ ٢٤٢, السير ١/ ٢٠٦.
(٣) رواه الدارقطني في السنن ٣/ ١٤٩ رقم ٢٢٦٠, في الصيام, باب القبلة للصائم, وقال: "كلهم ثقات ولا أعلم له علة", وعنه البيهقي في السنن الكبرى ٤/ ٤٤٦ رقم ٨٣٠٢, في الصيام, باب ما يستدل به على نسخ الحديث, وقال الألباني في الإرواء ٤/ ٧٣: "وهو كما قالا".
(٤) رواه ابن خزيمة في صحيحه ٣/ ٢٣٠ رقم ١٩٦٧، في الصيام, باب ذكر البيان أن الحجامة تفطر الحاجم والمحجوم جميعا, والنسائي في الكبرى ٣/ ٣٤٥ رقم ٣٢٢٤, في الصيام, باب الحجامة للصائم, والدارقطني في السنن ٣/ ١٥٢ رقم ٢٢٦٨, في الصيام باب القبلة للصائم, وقال: "كلهم ثقات، وغير معتمر يرويه موقوفا", وصححه الألباني في الإرواء ٤/ ٧٤.
(٥) ينظر: فتح الباري ٤/ ١٧٨.

<<  <   >  >>