للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الخامس: ولأن الخُلوف أثر عبادة مشهود له بالطيب فكره إزالته كدم الشهيد (١) (٢).

وجه القياس: أنه قد ثبت أن دم الشهيد لا يُزال عنه، فلا يُغسّل ولا يُصلى عليه وهما واجبان في حق غيره من أموات المسلمين؛ وهذا كله من أجل المحافظة عليه, فإذا تُرك من أجل دم الشهيد واجبان، دل على رُجحانه عليهما؛ لكونه مشهودا له بالطيب. فتكون المحافظة على الخُلوف الذي يشاركه في الشهادة له بالطيب أولى بالمحافظة؛ لأنه إنما تُترك من أجله سُنَّةُ السواك (٣).

الترجيح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الأول: جواز السواك بعد الزوال للصائم؛ وذلك لقوة ما استدلوا به، ولأن الأحاديث جاءت باستحباب السواك على العموم ولم تفرق بين ما كان قبل الزوال وما بعده.

وأما ما استدل به أصحاب القول الثاني فيجاب عنه بما يلي:

أولا: أما حديث علي، وأثر أبي هريرة - رضي الله عنهما - , فضعيفان لا تقوم بهما الحجة (٤).

ثانيا: وأما قولهم: إن السواك يزيل الخُلوف فيجاب عنه:

بأن الخُلوف لا ينقطع ما دامت المعدة خالية، غايته أنه يخف (٥).

ثالثا: وأما قولهم: إن مناجاة الصائم لربه مع دوام الخلوف أولى؛ لأن الله مدحه فيكون الأفضل. فيجاب عنه:

أن مدح الخُلوف يدل على فضله لا على أفضليته على غيره؛ وبيانه:


(١) وهو ما جاء عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: ((لا يُكلَم أحد في سبيل الله، والله أعلم بمن يُكلَم في سبيله، إلّا جاء يوم القيامة وجرحه يَثعُب، اللّون لون دم، والرّيح ريح مسك)). أخرجه البخاري ٤/ ١٨ رقم ٢٨٠٣, كتاب الجهاد والسير, باب من يجرح في سبيل الله عز وجل, ومسلم ٣/ ١٤٩٥ رقم ١٨٧٦, كتاب الإمارة, باب فضل الجهاد والخروج في سبيل الله.
(٢) ينظر: المهذب للشيرازي ١/ ٣٣, والمجموع ١/ ٢٧٦.
(٣) ينظر: المجموع ١/ ٢٨٠، وطرح التثريب ٤/ ١٠٠.
(٤) ينظر: نيل الأوطار ١/ ١٣٩.
(٥) ينظر: شرح الزرقاني للموطأ ٢/ ٣٠٠، فتح القدير لابن الهمام ٢/ ٣٤٨ - ٣٤٩.

<<  <   >  >>